إحياء عملاقين: دانيال روث وجيرالد جنتا

خلال فعاليات معرض أسبوع ساعات مجموعة المنتجات الفاخرة LVMH – LVMH Watch Week، الذي أقيم في نهاية يناير الماضي؛ سجل اسمان أيقونيان في صناعة الساعات المعاصرة عودتهما الأكيدة. حيث أزاحت علامتا الساعات الراقية دانيال روث وجيرالد جنتا النقاب عن عدد من الساعات الآسرة، تجسد جميع رموز هوية العلامتين المرموقتين. وقد تطورت كلتا الدارين في اتجاه جذري جديد؛ بفضل دعم مَشْغل تصنيع الساعات الراقية في شركة لوي ڤيتونla Fabrique du Temps – Louis Vitton ، وتحت إشراف صانعيْ الساعات القديريْن ميشيل ناڨاس وإنريكو بارباسيني، اللذين عملا كلاهما مع السيديْن روث وجنتا. أثناء فعاليات المعرض، سنحت لمجلة داي آند نايت الفرصة للجلوس والحديث مع هذا الثنائي الديناميكي!

دانيال روث
أعلنت علامة دانيال روث عودتها إلى عالم صناعة الساعات الراقية من خلال إزاحة الستار عن ساعة توربيون سوسكريبسيون Tourbillon Souscription، والتي كما يدل اسمها عبارة عن موديل اشتراك، أي يتم تصنيعه عن طريق جمع التمويل من مشتريه من خلال الاشتراكات. وهذا يثير التساؤل حول سبب اختيار علامة لصناعة الساعات، تندرج تحت مظلة مجموعة شهيرة للمنتجات الفاخرة مثل LVMH Group؛ إصدار موديل اشتراكات؛ إذ إنها ليست واقعة تحت أي ضغط أو إكراه لجمع التمويل اللازم لإصدار ساعة افتتاحية تدشن بها عودتها إلى الصناعة.

لماذا إصدار اشتراكات؟
يوضح ناڨاس وبارباسيني أن هذه الخطوة الاستراتيجية وُظّفت احتراماً لفلسفة السيد روث، الذي أطلق علامته من خلال إصدار موديل اشتراكات مؤلف من 25 قطعة، وذلك بعدما غادر دار بريغيه ليؤسس علامته الجديدة؛ حيث احتاج إلى صُنع موديل عن طريق جمع التمويل اللازم لتصنيعه من خلال اشتراكات مشتريه. وتُعدّ ساعة توربيون سوسكريبسيون Tourbillon Souscription إشادة وتكريماً لساعة دبل إليبس توربيون Double Ellipse Tourbillon؛ ساعته الأولى التي أُطلقت في العام 1988. تختلف قطع موديل الاشتراكات الـ20 في تفاصيل صغيرة، ولكنها شديدة الأهمية؛ عن الموديل الآخر. فهذا الموديل مصنوع من الذهب الأصفر، مع ميناء بزخرفة غيوشيه، كما تم تنفيذه وتشطيبه وفق الالتزام الصارم بمعايير صناعة الساعات الراقية – تفاصيل الزوايا، وصقل البراغي، والتشطيبات على الأجزاء الداخلية. وأخيراً، فإنه في حين جاءت العلبة مشابهة تقريباً لتصميم العلبة التي قام بتصميمها السيد روث؛ إلا أن الحركة جديدة تماماً.

وقد كان هذا لمنح جامعي الساعات الفرصة لامتلاك واحدة من القطع الـ20، التي يختلف كلٌّ منها عن بقية القطع الأخرى. كان الثنائي – ميشيل ناڨاس وإنريكو بارباسيني – حريصاً على الالتزام بنفس جودة التشطيب العالية التي تميز بها إبداع السيد روث الأصلي، حيث يشعر كلاهما بمسؤولية الحفاظ ليس فقط على اسم العلامة؛ ولكن أيضاً على إرضاء روح السيد روث، الذي لا يزال يعيش في ڤالي دو جو في سويسرا.

كل موديل ستصدره العلامة سيصدر أولاً كموديل اشتراكات، بإصدار محدود صغير العدد، ثم يتبعه مباشرة موديل بإصدار عادي سيكون مختلفاً في تفاصيل طفيفة. وسيكون إصدار الاشتراكات دائماً محدوداً بعدد 20 قطعة فقط؛ فعلى سبيل المثال، جاءت ساعة توربيون سوسكريبسيون Tourbillon Souscription، مصنوعة من الذهب الأصفر، في حين سيكون الموديل التالي مصنوعاً من معدن آخر، وسيتمتع بميناء مختلف عن ميناء هذه الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر، إلا أنه سيظل مؤلفاً من 20 قطعة فقط. وبالطبع سيكون سعر موديل الاشتراكات أقل من سعر الموديل العادي.

عن اختيار آلية توربيون لأولى ساعات إعادة إطلاق علامة دانيال روث
اختار الثنائي أن تكون الساعة بآلية التوربيون لأنهما شعرا أن التوربيون هو الاختيار الأنسب والأمثل للعلبة، التي تشبه علبة الموديل الأول الذي أطلقه السيد روث في العام 1988. وقد كانت تلك ساعة مذهلة عندما قدّمها في العام 1988؛ فهي ساعة كلاسيكية، لكنها ليست مستديرة الشكل. كانت شيئاً سابقاً لعصره كثيراً، وهو ما جعلهما يختاران التوربيون؛ لتكون بذلك أول علبة ساعات من دانيال روث تحتضن آلية توربيون. وفي سعيهما إلى مطابقة معايير تصنيع الساعة الأصلية، فقد جاءت جميع التشطيبات: التفاصيل على جسر التوربيون، والعقارب الثلاثة المصنوعة من الفولاذ باللون الأزرق، وكذلك منظومة التروس – جميعها صُنعت يدوياً على الآلات القديمة.. احترام إرث السيد روث متحقق هنا بنسبة 100%.

مستقبل دانيال روث
نحن لا نهدف بالتأكيد إلى إنتاج 1000 قطعة سنوياً أو أي شيء من هذا القبيل. فنحن لسنا دار إنتاج كبيرة، ولكننا شركة تصنيع صغيرة. وبعد إصدار سوسكريبسيون إيديشن Subscription Edition، سنقوم بإطلاق 100 قطعة مصنوعة من معدن آخر ثم سنتوقف. وربما سنقوم، لاحقاً، بإطلاق 100 قطعة أخرى مصنوعة من معدن آخر.. وبشكل عام، سنهدف إلى شيء مثل إصدار 200 قطعة، ولكن ليست جميعها في عام واحد. وقد نقدّم شيئاً جديداً كل عامين، وربما يكون نطاق أسعارنا واسعاً بعض الشيء، ولكن سيكون لدينا سعر ابتدائي حوالي 40,000 فرنك سويسري.

جيرالد جنتا
أزاحت الدار بعد تجديدها الستار عن ساعتها الافتتاحية جيرالد جنتا مينيت ريبتر جمبنغ أورز مينيت رتروغريد أونلي واتش 2023 إيديشن – Gérald Genta Minute Repeater Jumping Hours Minute Retrograde Only Watch 2023 Edition. وتحتضن هذه الساعة حركة جديدة من صُنع العلامة، كاليبر GG-001، حيث طُوّرت وجُمّعت في مشغل La Fabrique du Temps، وتحت إشراف ميشيل ناڨاس وإنريكو بارباسيني، وتتميز بجميع السمات المميزة الشهيرة لتصاميم جيرالد جنتا؛ مثل الشكل المثمّن، وصوت رنين الأجراس، وتعقيدات صناعة الساعات الراقية، فضلاً عن لمسة جيرالد جنتا الشخصية، متخذة شكل تعقيدات صناعة الساعات الراقية المعاد تفسيرها في صورة إبداعات ساعاتية غير تقليدية.

وفي حين اشتُهر جيرالد جنتا بعلبته مثمنة الشكل، فقد عُرف عنه أيضاً تلاعبه بتصاميم العلب بشكل كبير. وفي ما يخص ساعتها الأولى، فقد استخدمت العلامة بالفعل العلبة مثمّنة الشكل، لقد أردنا جمع جميع سمات هوية السيد جنتا التصميمية في هذه الساعة: الشكل المثمّن، والساعات المرتدة، والدقائق الارتجاعية، والرنين. فالسيد جنتا كان مصمّماً في المقام الأول، وبالتالي كانت أولويته هي شكل العلبة، ثم تأتي التعقيدات في المرتبة الثانية، إلا أنه أيضاً لم يهملها. وقد تجاوزت إبداعاته حدود الصناعة، ليس فقط من حيث التصميم ولكن أيضاً من حيث التعقيدات العالية.

السيد جنتا شخصية معقدة للغاية، وكذلك علامته. فمن الأسهل كثيراً التعريف بدانيال روث وعلامته، حيث هو مصمم ساعات قبل أي شيء آخر، بينما السيد جنتا، على الجانب الآخر، كان مصمماً في الأساس، لكنه أنتج ساعات ذات تعقيدات عالية. ثم كانت هناك لمسة من الغرابة وغير التقليدية تمثلت في تعاونه مع ديزني.

إما أن تكون متمرداً أو لا؟
في عصره، كان جيرالد جنتا يعتبر بيكاسو صناعة الساعات الراقية.. بينما كان بعض الناس معجباً به، كرهه بعض زملائه الآخرين، إلا أن السيد جنتا لم يهتم لذلك. بل في الواقع لقد أعجبه أن يكرهه البعض، فقد كان متمرداً قليلاً، ومن ثمّ علينا أن نكون نحن أيضاً متمردين قليلاً! حيث سنتجاوز التعاون مع ديزني، فنحن كعلامة نحترم السيد جنتا، ولكننا لا نستطيع فعل ما كان يفعله، وإنما يمكننا فقط أن نحاول التوجه نحو فكر السيد جنتا عندما نبتكر شيئاً، ولكنه أمر صعب. وهذا أيضاً ما نصحتنا السيدة جنتا بفعله عندما قابلناها في لندن، حيث قالت لنا: من فضلكم واصلوا إطلاق موديلات جديدة؛ لأنه لو كان السيد جنتا حياً، لكان أرادكم أن تحسّنوا إصداراتكم وأن تتقدموا خطوات أبعد؛ إذ لم يتوقف هو يوماً عن الإبداع.

مهارة حرفية
رغم أن جيرالد جنتا لم يستخدم مطلقاً الطلاء بالمينا في أيٍّ من إبداعاته الساعاتية، إلا أن ساعة ميكي ماوس تتضمن أعمالاً بطلاء المينا؛ في LVMH لدينا ثلاثة حرفيين مختصين بطلاء المينا يعملون في ورشاتنا، وإذا لم يكن لدينا هؤلاء الحرفيون، ما كنا لنستطيع تنفيذ طلاء المينا في تلك الساعة. وربما لم يكن ذلك في استطاعة السيد جنتا في ذلك الوقت، وأيضاً فإن خط ساعات ديزني كانت أسعاره معقولة وفي المتناول، وربما كان ذلك جزءاً من السبب حتى لا تزداد التكلفة على من يشتري الساعة. لقد أحب حقاً العمل بالألوان، وقد أصدر السيد جنتا ساعات مرصعة بالأحجار الكريمة؛ البيضاء والملونة، وقد كان ذلك جزءاً من أسلوبه في التصميم.