نظمت شركة صناعة الساعات الفاخرة هوبلو، مؤخراً، رحلة حصرية لعدد من الصحفيين من مختلف دول العالم إلى متنزه كروغر الوطني البري في جنوب أفريقيا – Kruger National Park – بالتعاون مع منظمة SORAI، وسفير علامة هوبلو لاعب الكريكيت الإنجليزي الجنسية الجنوب الأفريقي المولد: كيڨن بيترسون. جلسنا مع كيڨن، مؤسس منظمة SORAI، وتحدثنا معه عن الأسباب التي دفعته إلى تأسيس هذه المنظمة، وعن تعاونه الوثيق مع هوبلو على مدى السنوات الأربع الماضية.
كيف أصبحت من الداعين إلى الحفاظ على حيوان وحيد القرن؟ كيف بدأت هذه الرحلة؟
بدأ كل شيء في العام 2013، عندما بدأت للمرة الأولى التعرف على ما تواجهه أنواع وفصائل الحيوانات البرية من تهديد وتدمير. حيث قيل لي إن واحداً من حيوانات وحيد القرن يُقتل كل 8 ساعات! فبدأت دراسة هذا الأمر عن كثب وأجريت أبحاثاً حوله، حتى انتهيت إلى التسليم بصحة هذه الأرقام وتصديقها رغم كونها صادمة للغاية. أنا جنوب أفريقي المنشأ، وعشت هنا لأكثر من 20 عاماً. فأنت تكون حيث وُلدتَ، أؤمن بذلك بشدة، لذا توجد لدي هذه الروابط العاطفية مع بلدي. ثم عندما رأيت بنفسي ما كان يحدث – أي قتل الحيوانات – أشعل ذلك ناراً في صدري، فقررت استغلال اسمي وصورتي الإعلامية للقيام بخطوة إيجابية.
وما الذي حدث في العام 2013؟
في ذلك العام، كنا نقوم بوضع رقائق إلكترونية داخل قرون حيوانات وحيد القرن، وعندما سألت عن سبب قيامنا بذلك، قيل لي لأنه بهذه الطريقة يمكننا تتبع الحيوان ومعرفة أنه قُتل، إذا ما قبضنا على الجاني وبحوزته قرن الحيوان المغدور، وسيساعدنا هذا في منع الصيد الجائر، وفي توجيه الاتهام إلى أولئك الصيادين. في تلك اللحظة، تلقينا مكالمة تفيد بأن هناك فيلاً قد علق في أحد الأفخاخ. لذلك، ركبنا الطائرة المروحية وتوجهنا إلى حيث كان الفيل عالقاً بذلك الفخ الضخم الملتف حول ساقه. تعين علينا تنويم الفيل أولاً قبل أن نقوم بانتزاع الفخ عن ساقه، وقد جعلني هذا الحادث شديد الحماس للحفاظ على الحيوانات البرية الموجودة في جنوب أفريقيا. كان السؤال الملح حينذاك هو: لماذا يحدث هذا؟ وكيف يبدو المستقبل بالنسبة إلى حيوانات وحيد القرن؟ وقد قيل لي وقتها إن المستقبل مظلم، حيث فقدنا 90% من تعداد حيوانات وحيد القرن، في السنوات العشر الأخيرة. فعلى سبيل المثال، قبل بضع سنوات، عندما كنت آتي إلى هنا، كنت أرى حيوانات وحيد القرن تتجمع كل صباح، لكن في هذه الرحلة – ورغم أننا هنا منذ ثلاثة أيام – لم نر حتى الآن حيواناً واحداً من هذه الحيوانات.
ما الصعوبات التي واجهتها عند إنشاء SORAI؟
أحد أكبر التحديات التي واجهناها كانت جائحة كوڨيد، حيث كان الحفاظ على وجودنا أثناء الجائحة تحدياً هائلاً. فقد تمكنا بالكاد من البقاء كمؤسسة اجتماعية أثناء أزمة كوڨيد، إلا أن كرم الناس حيال هذه القضية قد غمرنا. لكن يجب على الحكومة أن تقوم بفعل المزيد وأن تكون استباقية ومبادِرة؛ إذ يمكنها فرض حظر شامل على صيد حيوانات وحيد القرن وبيع قرونها. هناك بعض الإجراءات المتخذة بالفعل، ولكني أعتقد أن فرض حظر شامل على تجارة قرون حيوانات وحيد القرن يجب أن يكون في صدارة الإجراءات الحكومية. وحيوان وحيد القرن هو أحد الخمسة الكبار (الحيوانات الرئيسية التي تشتهر بها القارة)، ثم ماذا تكون أفريقيا من دون حيواناتها؟ فكلمة أفريقيا مرادفة للحياة البرية والحيوانات التي تعيش فيها؛ فهي – أفريقيا – ليست مشهورة بالتكنولوجيا أو البنية التحتية، بل أفريقيا مشهورة بحيواناتها، وعندما تفكر في أن انقراض وفقدان أحد أنواع هذه الحيوانات سببه شيء يمكن السيطرة عليه وإيقافه، ستعلم أن هناك مشكلة.
كيف تعمل على منع الصيد الجائر؟
لا أنظر إلى هذا الأمر من وجهة نظر تصادمية، فرؤيتنا الشاملة هي محاولة العمل مع الناس، ومحاولة مساعدتهم؛ بتقديم الدعم العاطفي وكذلك الدعم المالي، لأنني لا أعتقد أن الصدام أو العدوانية سيساعدان أي طرف. لم تُتح لنا حتى الآن فرصة الجلوس ومناقشة هذا الأمر مع المستويات العليا، ولكنني أعلم أن هناك آخرين قد فعلوا ذلك. أعرف بعض دعاة الحفاظ على البيئة الرائعين، وقد أجريت محادثة رائعة مع رجل محترم أكثر معرفة ودراية مني، كما أنه أكثر إصراراً وإلحاحاً مني. وبالنسبة إليّ، يتعلق الأمر كذلك بالتعلم وفهم القضايا، لأن هناك أكثر من طريقة لحل المشكلة وتحقيق الهدف، وهناك أكثر من قضية يجب التعامل معها.
يظن الكثيرون أن الناس يأتون إلى هنا لمجرد قتل الحيوانات، لكن لماذا يقومون بذلك؟ الحقيقة أن هؤلاء أناس يائسون، يتخذون تدابير يائسة. فهم أنفسهم قد يُقتلون بدخولهم إلى المتنزه، فلماذا إذن يفعلون ذلك؟ إنهم يحاولون فقط إطعام أطفالهم. لقد شاهدت فيلماً وثائقياً على قناة ناشيونال جيوغرافيك National Geographic منذ بضع سنوات، عن حيوان وحيد القرن هنا في متنزه كروغر الوطنيKruger National Park. وفي أحد مشاهد ذلك الوثائقي، يقول أحد الأشخاص: لا أعلم لماذا أنتم أيها البيض هنا، تنفقون الكثير من المال وتلتقطون صوراً لطعامي. وكان هذا بالنسبة إلينا مؤثراً وعميقاً جداً؛ لأنه بالنسبة إلى هؤلاء الناس تُعد هذه الحيوانات طعامهم. هناك طرق مختلفة ينظر بها الناس إلى الأمور، ويتعين علينا محاولة فهم الناس. نحن نحاول الاعتناء بالناس، وأنا مؤمن جداً بفكرة السياج البشري، فإذا أنشأنا سياجاً بشرياً فإن هذا سيعتني بالحيوانات ويحافظ عليها. لقد قمنا بإنتاج فيلم وثائقي في الهند، في متنزه كازيرانغا الوطني، حيث يتزايد تعداد حيوانات وحيد القرن، وذلك لأن الناس في ذلك المجتمع يدركون فوائد رعاية هذا الحيوان والحفاظ عليها، والتي تعود عليهم من خلال السياحة والفوائد المالية التي يجلبها معهم السائحون، والتي تصل في النهاية إلى المجتمع. فهناك العديد من الديناميات التي تلعب دوراً في هذا الأمر.
هل هذا سبب تركيز SORAI على أفريقيا بدلاً من الهند في الوقت الحالي؟
نعم، تركيزنا الآن هنا لأن هذا هو المكان الذي يلوح فيه التهديد بالانقراض. وإن كنت لا أظن أن حيوان وحيد القرن سينقرض، لأن هناك ما يكفي من الأشخاص للتجوال وتأمين حيوان واحد وضمان بقائه. لكن عندما ترى عدد حيوانات وحيد القرن التي تموت، يكون الأمر محبطاً مقارنة بما كان عليه عددها سابقاً. وفي الوقت الحالي، تركيزنا هو على إحداث فارق هنا، بعد أن كنا في الهند ورأينا ازدهار أعداد حيوانات وحيد القرن هناك. فليست توجد حاجة إلى التدخل هناك، بينما هنا يوجد عدد أقل من حيوانات وحيد القرن، حيث ينتشر انتزاع القرون بشكل كبير، ولكننا نطبق بعض الأنظمة المعمول بها هنا لمنع ذلك، إضافة إلى بعض الأشخاص الرائعين الذين يقومون بعملهم بشكل رائع.
دعك من المشاهير الذي يتجولون هنا وهناك في مناطق وجود الحيوانات المهددة، وتتكلف جولاتهم ملايين الدولارات؛ فهؤلاء الأشخاص الذين يعملون هنا بشغف، والذين يعملون إيماناً بقضية – هؤلاء هم الذين يجب أن تتصدر صورهم الصفحات الأولى للصحف، وينبغي أن يكونوا أهم المشاهير في العالم؛ بسبب نوع العمل الذين يقومون به. هؤلاء هم الأشخاص الذين يهموننا، وليس المشاهير الذين يظهرون من حين لآخر لحضور حدث خيري. هؤلاء هم الأشخاص الذين نعرفهم وندعمهم؛ فأنا أعرف زوجاتهم وأطفالهم، وأعرف مدى خطورة عملهم. أحد أكثر الأشياء التي أذهلتني، وأظهرت لي مدى ضحالة وسطحية السيناريو الرياضي برمته؛ كان رؤية مثل هؤلاء الأشخاص، وإدراك مدى جدية الحياة بالنسبة إليهم. آباء هؤلاء الأشخاص وأمهاتهم يخرجون لوداعهم وهم ذاهبون إلى العمل، قائلين لهم: نأمل أن نراكم مرة أخرى هذه الليلة؛ هذا يبين مدى خطورة هذا العمل. كل ذلك يجعلني أدرك مدى ضحالة المشهد الرياضي الدولي برمته، كما يجعلني أشعر بالارتباط بهم أكثر، ويجعلني سعيداً بالعمل تحت إشراف هؤلاء الأشخاص الرائعين.
ما هو دور SORAI؟ وكيف تعمل هذه المنظمة؟
دورنا في SORAI هو تمويل المشروعات التي تعمل على الحفاظ على الحيوانات. فنحن نموّل أنظمة المراقبة بالكاميرات وغيرها من التقنيات، ونساعد الحراس، ونرسل الأطفال إلى المدارس. لدينا العديد من أفخاخ الكاميرات، ومن خلالها نستطيع القبض على العصابات التي تأتي لقتل الحيوانات، حيث تساعدنا هذه الكاميرات في الوصول إليهم قبل أن يصلوا هم إلى الحيوانات. قبل ثلاثة أيام، تمكن الحراس من القبض على عدد من الصيادين عندما كانوا يقومون بانتزاع قرن أحد حيوانات وحيد القرن؛ لكن للأسف كانوا بالفعل قد قتلوا ذلك الحيوان.
مؤسسة Legacy Experience Foundation هي مؤسسة سويسرية تعمل معنا، حيث يساعدوننا في ما يتعلق بالكاميرات؛ فهناك الكثير من الكاميرات التي التقطت صوراً لنا (أي المجموعة المشاركة في الرحلة) على مدى اليومين الماضيين، لكن لا أحد منكم – المشاركين في الرحلة – أحس بها أو يعلم عنها شيئاً. كما أن هناك الكثير من التقنيات المستخدمة هنا نساعد في تمويلها. فنحن نقوم بتمويل مشروعات مرتبطة بالطيارين، ونرسل آلاف الأطفال إلى المدارس كل عام، ويمكنك زيارة موقعنا الإلكتروني وإلقاء نظرة سريعة. فنحن نؤمن بإحداث التغيير من الأصغر أو من الأساس، ولذا نقوم بتثقيف الأطفال وتعليمهم لإنشاء السياج البشري الذي تحدثت عنه. فأنا من أشد المؤمنين بفكرة أن الجيل القادم هو الجيل الذي سيتخذ موقفاً ويقول: هذا ليس صحيحاً، فأنا مثلاً لا يمكنني إلقاء زجاجة بلاستيكية في سلة المهملات؛ لأن ابنتي ستخبرني أنها سلة لإعادة التدوير!
كيف تقومون بجمع التمويل اللازم؟
نقوم بجمع التمويل من خلال الفعاليات التي ننظمها هنا، ولدينا كذلك متبرعون أثرياء يدعموننا. كما أن هناك علاقة تعاون بين منظمة SORAI وعلامة هوبلو، حيث تتبرع هوبلو أيضاً مباشرة لبعض هذه المشروعات. وعندما تتبرع بالعملة الأجنبية في جنوب أفريقيا، فإن الأموال تصل أبعد من الهدف القريب، وأحد هؤلاء المستفيدين من تبرعاتنا هي منظمة Care for the Wild، وكان ذلك أحد التبرعات المباشرة أثناء جائحة كورونا، عندما كانت الأمور شديدة الصعوبة هنا، وكان ذلك التبرع بمثابة مساعدة هائلة سمحت لهم في هذه المنظمة بتجاوز محنة الجائحة. بترونيل نيوودت هي مؤسسة والرئيسة التنفيذية لمحمية Care for Wild Rhino Sanctuary، لإيواء ورعاية حيوانات وحيد القرن. وعند زيارتكم لهم غداً، يمكنكم أن تلمسوا بأنفسكم العمل الرائع الذي يقومون به مع الحيوانات التي عُثر عليها مبتورة الأجزاء، أو صغاراً من دون أبوين تم التخلص منهم بعد وقوع حادث ما، ثم نقلت مباشرة إلى المحمية التي ترأسها بترونيل؛ حيث توجد العشرات من حيوانات وحيد القرن هناك، وهي تعتني بها تماماً، وتحصل على الدعم من المنظمات غير الحكومية الشبيهة التي تدعم مكافحة عملية انتزاع قرون هذه الحيوانات، وغيرها من التقنيات المماثلة.
كيف تم اللقاء بين هوبلو وSORAI؟
كان ذلك في بطولة كأس العالم للكريكيت للعام 2019، التي أقيمت في إنجلترا؛ حيث أرادت هوبلو مني القيام بشيء ما من أجلهم. وكان العام 2019 وقتاً عصيباً بالنسبة إلى الحيوانات، حيث بدا الأمر وكأنه لم يتبق الكثير من الوقت أمام هذه الحيوانات. وعندما تحدثت مع هوبلو، طلبت منهم أن يستمعوا إلى اقتراحي، فربما قاموا بعمل ما هو أكثر من مجرد رعاية تنظيم بطولة للكريكيت؛ شيء يمكن أن يكون أكبر من علامة هوبلو ومن منظمة SORAI، ومن أي شيء آخر.. حيث قلت لهم دعونا نقم بإنقاذ الحيوانات المهددة بالانقراض، وقد لفت ذلك انتباه فريق هوبلو، وقد وثقوا بي عندما شرحت لهم الفارق الذي يمكننا إحداثه، وإلى أي مدى يمكن أن يصل المشروع، والفرصة المتاحة لإنقاذ أحد أنواع الحيوانات الرئيسية في أفريقيا.
وكما علمت، فقد كانت الشراكة بيننا ناجحة للغاية؛ فقد قمنا حتى الآن بإصدار ثلاث ساعات في إطار مشروعات للتعاون الإبداعي، ونناقش الآن إصدار الساعة الرابعة. ففي الأسبوع الماضي، أجرينا نقاشاً مبدئياً حول الساعة الرابعة، والعمل مستمر؛ حيث إنها شراكة بالغة الأهمية، ترتكز بكل وضوح على حقيقة أن هوبلو يمكنها الوصول إلى مناطق على مستوى العالم لم أتمكن من الوصول إليها أثناء مسيرتي المهنية. فعلى سبيل المثال، لعبة الكريكيت غير معروفة في الصين وڨيتنام، لكن هوبلو تتوجه مباشرة إلى اقتحام سوق المنتجات الفاخرة التي توجد في جميع أنحاء الأرض، وهذا أمر أكثر أهمية من المال. فالفرصة التي تمنحنا إياها هوبلو بدعم القضية في سوق البلد التي توجد فيها، هو شيء سأظل دائماً مديناً به لـهوبلو. واسأل أي شخص في متنزه كروغر الوطني عن علامة الساعات المفضلة لديه، لن تسمع إلا اسماً واحداً: هوبلو. جميعنا ممتنون لهذه العلامة، ليس فقط للعمل الذي قاموا به، ولكن كذلك لالتزامهم، حيث يتطلب الأمر الكثير من الالتزام للانخراط فعلياً في هذه القضية، وهو ما تفعله هوبلو. وإنه لأمر رائع أن تتمكن من السفر إلى هنا، وقضاء بعض الوقت في هذه الأدغال، والاستيقاظ على شروق الشمس الجميل. فبقدر خطورة هذه القضية، إلا أنها أيضاً فرصة لنظهر للناس مدى جمال أفريقيا. حقاً إنها شراكة رائعة.