ساربنيفا.. أسطورة صناعة الساعات الفنلندية

في هذه السلسلة الجديدة من المقالات، التي ستُنشر شهرياً، تركز داي آند نايت على الأفراد الذين أثروا بشكل إيجابي في عالم صناعة الساعات الراقية… وفي هذا العدد، نلقي نظرة على حياة ومصادر إلهام صانع الساعات الفنلندي ستيبان ساربنيفا؛ مؤسس علامتي Sarpaneva Watches Oy وS.U.F Helsinki.

تُعد علامتا ستيبان ساربنيفا لصناعة الساعات مثالاً صارخاً على التباين؛ فإضافة إلى الاختلاف شديد الوضوح في تسعير منتجات كل علامة منهما، يتمتع كل منهما بأسلوب مميز باستثناء الساعات التي صُنعت بالتعاون بين العلامتين. فبينما توصف ساعات علامة Sarpaneva Watches بأنها تصاميم قوطية حديثة غير مألوفة، تستمد ساعات علامة S.U.F إلهامها من التاريخ والأساطير الفنلنديين. في العام 2019، أحدث ستيبان هزة في عالم صناعة الساعات بفضل كاليبر عرض أطوار القمر “Sarpaneva Moonment” من إبداعه، والذي يدوم عرضه لأطوار القمر 29 يوماً و12 ساعة و44 دقيقة و2.3 ثانية، ما يعني أنه يحتاج إلى التعديل مرة واحدة كل 14000 عام، بسبب فارق خطأ ليوم واحد. التقت مجلة داي آند نايت ستيبان في محاولة لفك شيفرة أعماله.

طفولة صعبة
وُلد ستيبان في فنلندا في العام 1970. كان أبوه أكبر سناً من أمه بعشرين عاماً. انفصل والداه عندما كان ستيبان صغيراً جداً، وتوفي أبوه عندما كان هو في الثامنة من عمره. يتحدث ستيبان عن أبيه وتأثيره فيه كشاب فيقول: قضيت طفولتي كلها في المنزل، الذي كان مليئاً بتصاميم أبي؛ فقد كان مصمم مجوهرات مشهوراً جداً في فنلندا والدول الإسكندنافية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. كان أخوه هو تيمو ساربنيفا، أشهر مصمم في فنلندا؛ حيث يضم كل متحف كبير حول العالم شيئاً من تصاميم تيمو بين معروضاته؛ من القطع الفنية المصممة من الزجاج والفولاذ وغير ذلك. وطوال طفولتي، كنت أشاهد تصاميم أبي في المنزل الذي أعيش فيه، لكني لم أحبها. ولم يكن السبب في ذلك جماليات التصميم، بل حقيقة أنه تخلى عنا عندما كان عمري عامين.
كان ستيبان متمرداً بعض الشيء، ولم يكن أداؤه جيداً في المدرسة، وفي النهاية أدى مستواه الضعيف في المدرسة إلى تركها. يقول: اقترحت أمي أنني ينبغي أن أفكر في الانخراط في بعض أعمال الحرفة اليدوية مثل أبي، ربما صناعة المجوهرات. اعتقدت أنها فكرة جيدة، لذلك تقدمت للالتحاق بدورة في صياغة الذهب. وبسبب قانون خاص، كان لديه أيضاً خيار التقدم للالتحاق بمدرسة أخرى. لكن ستيبان انتهى به الأمر إلى التقدم بطلب الالتحاق بدورة في صياغة الذهب كخيار أول، ودورة في صناعة الساعات كخيار ثانٍ.

الرحلة إلى صناعة الساعات
يقول: تقدمت لاختبارات كلتا المدرستين، لكنني التحقت بمدرسة صناعة الساعات وليس مدرسة صناعة المجوهرات. قررت أن أدرس لمدة عام واحد في مدرسة صناعة الساعات، ثم أنتقل إلى صياغة الذهب. لكن في النهاية اتضح أن صناعة الساعات كانت الأقرب إلى قلبي، حيث كنت دائماً أقوم بصنع شيء ما باستخدام يدي. فمنذ أن كنت صغيراً جداً، كنت ألعب بقطع الليغو أو المنمنمات، ثم تحولت إلى السيارات والدراجات النارية. وهكذا كانت صناعة الساعات تطوراً طبيعياً بالنسبة إليّ، حيث تخرجت في المدرسة الفنلندية لصناعة الساعات في العام 1992، والتي التحقت بها في العام 1989.

لسوء الحظ كان 1992 هو العام الذي شهدت فيه فنلندا أكبر أزمة اقتصادية على الإطلاق، وبلغت معدلات البطالة ذروتها. قرر ستيبان إنهاء خدمته العسكرية، وفي أوائل العام 1994 التحق بدورة البرنامج التدريبي والتعليمي لصانعي الساعات السويسريين في سويسرا (WOSTEP)، في نوشاتال بسويسرا. كانت دورة مدتها ستة أشهر، وعندما أكملها حصل على شهادة دبلوم سويسرية كصانع ساعات مؤهل. ويشرح ستيبان كيف غيّرت تلك الدورة تفكيره، فيقول: كانت تلك الدورة مفيدة للغاية، حيث جعلتني أدرك أن صناعة الساعات هي أكثر بكثير من مجرد إصلاح ساعة. فقد علمتنا المدرسة في فنلندا إصلاح وترميم الساعات، لكن في نوشاتال تعلمت كيفية صنع ساعات جديدة. إنه فارق كبير، فحتى لو كنت قد أتقنت ترميم الساعات، إلا أنه يمكنني الآن بسهولة تعلم كيفية صنع واحدة.

انطلاق الرحلة
بعد إتمامه برنامج الدبلوم في العام 1994، انتهى الأمر بستيبان إلى التقدم بطلبات للعمل في 30 شركة مختلفة، وفي النهاية أخبرته بياجيه أنهم سيحاولون الحصول له على تصريح للعمل في سويسرا.

بياجيه
بدأ ستيبان العمل مع بياجيه في العام 1994، عضواً في فريق خدمة ما بعد البيع التابع للشركة. يقول: لم أكن أتحدث كلمة فرنسية واحدة، وكنت أعمل في قرية في منطقة جبلية يبلغ عدد سكانها 400 نسمة، جميعهم يتحدثون الفرنسية. لكن العمل كان ممتعاً للغاية لدرجة أن كل شيء آخر أصبح أمراً ثانوياً. تصنع بياجيه جميع أنواع الساعات – أجهزة ضبط الوقت البسيطة، وساعات التعقيدات، وساعات المجوهرات – ولأنني كنت في فريق خدمة ما بعد البيع، فقد عملت على إبداعات الشركة القديمة. وتخصصت في أنحف الحركات التي أنتجتها الشركة على الإطلاق في سبعينيات القرن العشرين؛ 20P و25P. عمل ستيبان لمدة عامين ونصف العام، وخلال تلك المدة أتقن اللغة الفرنسية.

بعد أن قرر تعزيز مهاراته في صناعة الساعات، غادر بياجيه عائداً إلى المدرسة للالتحاق بدورة في ترميم الساعات ضمن البرنامج التدريبي والتعليمي لصانعي الساعات السويسريين في سويسرا (WOSTEP). كان قراراً صعباً بعض الشيء؛ لأن ستيبان بذلك كان سيترك وظيفة مدفوعة الأجر للالتحاق بدورة تدريبية عليه أن يدفع مقابل حضورها، إلا أنه كان حريصاً على تعلم المزيد. عند الانتهاء من الدورة التي ركزت على الترميم والساعات المعقدة، تقدم ستيبان بطلب للعمل لدى بارمجياني فلورييه وحصل على الوظيفة.

بارمجياني فلورييه وكاري فوتيلانِن
يقول: القسم الذي كنت أعمل فيه في بارمجياني فلورييه كان يضم موظفين اثنين فقط؛ كاري فوتيلانِن رئيسي في العمل وأنا، حيث كنت أساعده. وبهذا كنا اثنين فنلندييْن يعملان على أجمل الساعات وأكثرها تعقيداً في العالم؛ في ذلك الوقت. وكان ذلك من العام 1997 وحتى العام 1999. وكانت تلك سنوات جيدة بالنسبة إلى بارمجياني فلورييه، حيث كان ميشيل بارمجياني قوياً للغاية في تصاميمه، ومع أن العلامة كانت لا تزال تتلمس طريقها إلا أن الساعات التي ابتكرتها حينذاك لا تزال تُعتبر من أجمل الساعات. في العام 1999، قرر كاري مغادرة الشركة وقرر ستيبان أيضاً المضي قدماً حيث لم يعد يريد العمل هناك أكثر من ذلك، وأُغلق القسم الذي كانا يعملان فيه. انتقل ستيبان بعد ذلك إلى فياني هايتر.

فياني هايتر والتفكير خارج الصندوق
يقول: مع كاري تعلمت كيف كان من المفترض صُنع الأشياء – تاريخ صناعة الساعات، الساعات المعقدة، كيفية صُنع الأجزاء، كيف تستخدم عقلك ومهاراتك في صنع كل شيء. مع فياني، كان الأمر عكس ذلك. هنا أنت ترمي كل شيء بعيداً، تفتح الصندوق وتخرج لتفعل ما تريد. فبينما كان كاري منظماً للغاية، كان فياني على النقيض تماماً. كان على ستيبان أن يتأقلم ليس فقط مع وضع مختلف للعمل، ولكن أيضاً أن يتعلم الوصول إلى حلول وسط بطرق أخرى. يقول: كانت بيننا مشاحنات كثيرة، على سبيل المثال؛ قبل أسبوعين من يوم قبض الراتب، كنت أسأل فياني: هل سنحصل على رواتبنا؟ وكان يجيب: بالطبع ستحصل على راتبك. كانت لدي قروض يجب سدادها وكنت قلقاً بشأنها. قبل يومين من موعد الحصول على الراتب يتكرر حوارنا، ثم في اليوم الموعود يسألني: إذا كنت لا تمانع، هل يمكنني أن أعطيك 20% فقط من راتبك؟!.

مكث ستيبان مع فياني لمدة عام واحد فقط، لكن في غضون ذلك استطاع العمل على ساعات أيقونية مثل ساعة كلاسيك وساعة تريو. يقول: كنت أعمل أيضاً على ساعات أنتيكا وكونتُمبورين، وإبداع مشترك مع علامة تصنيع الجلود Goldpfeil، حيث عملت هذه العلامة مع 10 صانعي ساعات مستقلين لصنع ساعات مصممة خصيصاً حسب الطلب، وقد قمنا بصنع ساعة مخصوصة تتضمن وظيفة الساعات القافزة لصالحهم. ويوضح ستيبان سبب مغادرته العمل هناك بعد عام واحد فقط – في 1999 – بقوله: لم نكن نعرف أبداً هل سيكون لدينا كهرباء أو تدفئة، كانت الأمور دائماً فوضوية.

كريستوف كلاريه وبداية التفكير في العمل مستقلاً
في العام 2000، بدأ ستيبان العمل مع كريستوف كلاريه. كان ذلك قراراً اتخذه بدافع حاجته إلى دخل منتظم. ويصف كريستوف كلاريه بأنه فوضوي أيضاً، يقول: لكنها كانت فوضى منظمة، كان لدينا الكثير من الطلبات وزبائن كبار – أوليس ناردين وجيرار-بيرغو – وقمنا بصنع آليات حركة جميلة. عمل ستيبان فقط على الحركات خلال مدة عمله هناك، وتفاهم جيداً مع كريستوف، ما أدى إلى مزيد من التقدم في مسيرته. يقول: في العام 2001، أخبرني كريستوف أنه متى ما قررت المغادرة والعودة إلى فنلندا، فسوف يعطيني عملاً. كان لديه شعور بأنني سأعود إلى فنلندا. وهذا جعل ستيبان يفكر، وأدرك أنها فرصة جيدة لا يمكن تفويتها.

نشأة علامة ساربنيفا
في العام 2002، عاد إلى فنلندا بعد أكثر من ثمانية أعوام قضاها في سويسرا، وأنشأ شركته الخاصة Sarpaneva Watches في العام 2003؛ أي منذ 20 عاماً. يقول: في البداية، كان نصف عملي لصالح كريستوف كلاريه، كنت لا أزال أؤسس عملي الخاص. أنا مدين لكريستوف بالكثير لأنه منحني البداية للعمل المستقل، فوفر لي العمل في ذلك الوقت، وإلا لما كنت أتمكن مطلقاً من العمل مستقلاً. للسنوات الثلاث أو الأربع الأولى، عمل ستيبان في الغالب لصالح كريستوف كلاريه، ويتحدث عن سنوات البداية تلك قائلاً: كنت أقوم ببناء آليات الحركة في فنلندا، وأقوم بتسليم الحركات إليه في سويسرا، وكان الأمر يستغرق مني أسبوعين للانتهاء من صُنع الحركات، وإجراء اختبار التحكم، وإذا سارت الأمور على ما يرام، أستطيع إرسال الفاتورة إليه. في ذلك الوقت، كان الإخوة ماكغونيغل McGonigle Brothers في إيرلندا، وبعض الأشخاص في فرنسا، وأنا – جميعنا نقوم بنفس العمل. استمر هذا العمل لمدة بضع سنوات حتى وصل الأمر إلى نهايته في عامي 2006-2007، حيث أصبح لدى ستيبان المزيد من الطلبات على ساعاته هو الخاصة، ولم يعد بحاجة إلى قبول المزيد من الطلبات من كريستوف كلاريه.

بازل
ثم بدأت الأوقات المجنونة حقاً بالنسبة إلى ستيبان، حيث تسلق الجبال في عام وسقط في وادٍ سحيق في العام التالي. بنهاية العام 2007، اتصل فياني بستيبان قائلاً: لدينا مقصورة في معرض بازل، فيليب (دوفور) لا يريد الذهاب لأنه متعب ولا يستطيع الوقوف هناك. فهل تريد أن تحل محله؟، بالطبع وافق ستيبان، لكن يقول: بدأت أتساءل عما سأفعله. لم يكن لدي مال، ولم يكن لدي أي مجموعات خاصة بي. قررت الحصول على قرض، وبعد وقت عصيب، أصبحت لدي مجموعة ساعات. ففي العام 2008، صنعت سلسلة ساعات كورونا Korona وساعة مون Moon أيضاً.

قمر مبدع
يقول: عندما كنت أقوم بصنع تعقيدة أطوار القمر، كنت أنظر إلى فتحة الميناء التي ستتضمن أطوار القمر، كانت كبيرة. في البداية اعتقدت أنه ستكون لدي نقطة صفراء داخل الفتحة، ولم أكن سعيداً بالنتيجة وظللت أفكر أن الأمر بحاجة إلى روح. قرر ستيبان أن تلك الروح ستكون هي مجسم القمر، يقول: قررت أن أبتكر وجهاً للقمر، ووضعت بعض التصاميم، وعدت إلى الكتب لألقي نظرة على الكيفية التي كان القمر يُصوّر بها قبل هبوط الإنسان عليه. بريغيه، على سبيل المثال، لديها وجه مميز لمجسم القمر الخاص بها. أردت صنع وجه ثلاثي الأبعاد، عملت مع حرفي مختص بالنقش لصنع أداة لختم القمر. فالقمر في ساعاتي هو في الواقع تصميم ثلاثي الأبعاد، وليس مرسوماً على الميناء. كانت النتيجة رائعة للغاية وحقق الأمر نجاحاً كبيراً في بازل.

وقريباً من ذلك الوقت، أي قبل 2-3 سنوات فقط، كانت جميع علامات الساعات السويسرية قد تخلت عن وجوه القمر، فعلامات كبيرة مثل فاشرون كونستانتين وبريغيه ضمّنت ساعاتها نقاطاً صفراء فقط. يقول: بدأت ساعاتي هذا الاتجاه؛ حيث بعد 3 سنوات كانت جميع عروض أطوار القمر لديها وجه (مجسم). كنت محظوظاً، لكن كان ذلك في العام 2008.

صعود وهبوط
شهد العام التالي، أي العام 2009، انهياراً اقتصادياً هائلاً ترك آثاره على جميع دول العالم تقريباً. كان ستيبان على وشك إغلاق شركته، يقول: كان هناك شخصان يعملان لدي، وكان علي أن أجد لهما شيئاً يفعلانه. فكرت أن أحصل على إجازة، وأطفئ الأنوار وأعود إلى المنزل. كنت في عطلة لمدة أسبوعين ثم تلقيت مكالمة من جامع ساعات أميركي، طلب خمس ساعات دفعة واحدة. خمس ساعات، في ذلك الوقت، كانت تعني نصف عام من الإنتاج بالنسبة إلي. وهكذا، أعدت تشغيل الشركة، وشيئاً فشيئاً وجدت ما يمكنني عمله، على وجه الخصوص للعلامات الثانوية. كافح ستيبان ببطء للعودة، وأمضى بضع سنوات حيث – كما يقول – لم أكن أفعل شيئاً مميزاً، فقط ما يمكّنني من الاستمرار.

بدأ ستيبان أيضاً التعاون مع العلامات الأخرى، بما في ذلك صانعو الساعات المشهورون، وبحلول العام 2017 كان يعمل بشكل كامل على إبداعاته الخاصة مرة أخرى. وبحلول العام 2019، كانت الأمور تتحسن ببطء، وفي العام 2019 كانت أمور أفضل كثيراً.

مواد متوهجة
بدأ ستيبان العمل مع شركة بلاك بادجر Black Badger في العام 2015، حيث اشترى المواد المتوهجة الخاصة بـبلاك بادجر، من أجل صنع ساعته Korona K01 Northern Lights. وعلى الفور تبع ذلك الإصدار إصدار آخر محدود في العام 2016، بسبب الإقبال الكبير على الساعة.

في العام 2017، تحول ستيبان إلى استخدام مادة سوبر-لومينوفا، وقام بصنع ساعة مضيئة باستخدام مواد متطورة عالية التقنية. ويوضح ستيبان هذا التحول قائلاً: تواصلت معي شركة RC Tritec، حيث كانت مادة سوبر-لومينوفا تُصنع بواسطة شركة RC Tritec السويسرية، وكانت ذات جودة أفضل؛ لذا بدأت العمل معهم. منذ ذلك الحين عمل ستيبان مع شركة Tritec، وهو يحاول ابتكار ساعات جديدة توظف هذه المادة جيداً. يقول: أحاول جاهداً صنع شيء مختلف، واستخدام هذه المادة بشكل كامل.

كوفيد ونمو المصنع
أثناء جائحة كوفيد، كان ستيبان وفريقه في الواقع يعملون بجد. يقول: تلقينا الكثير من الطلبات، كان الناس عبر الإنترنت يبحثون عن شيء جديد تماماً، وكان ذلك وقتاً جيداً حقاً بالنسبة إلينا. كنا محظوظين حقاً لأن كل شيء سار على ما يرام، وها نحن في العام 2023. شهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة دخول المشغل في مسار النمو، وكانت فترة مزدحمة بالعمل للغاية، الآن، يمكنني رؤية نتائج فترة كوفيد، حيث يستغرق الأمر على الأقل ما يصل إلى 12 شهراً للحصول على المواد، وهي فترة أطول كثيراً من المعتاد. كل ذلك النمو كان يعني أنه في العام 2023 سينتقل ستيبان وفريقه، إلى ورشة أكبر عبارة عن مصنع حلوى قديم في منطقة حديثة.
كانت إحدى نتائج هذه الخطوة شعور ستيبان بأنه قد استعاد حافزه، يقول: كنت قد فقدت اهتمامي بصناعة الساعات، لكنني أدرك الآن أن ذلك كان في الغالب بسبب المساحة. كانت ورشتنا السابقة صغيرة جداً، ولم أدرك أن ذلك كان يقيدني. والآن بعد أن انتقلنا إلى مكان أكبر، أصبح كل شيء أفضل كثيراً. لدينا الآن المزيد من الزبائن الذين يأتون لزيارتنا. بالطبع فإن الأوضاع في أوروبا ليست الآن بالسهولة الكافية، لكن لدينا زبائن من دبي والفلبين والولايات المتحدة، يأتون إلى هلسنكي لقضاء عطلة نهاية أسبوع طويلة، وينتهي بهم الأمر بزيارتنا وطلب ساعاتنا.

تصنّع علامة Sarpaneva Watches حوالي 100 ساعة سنوياً، بينما تنتج علامة S.U.F 350 ساعة في السنة. واحتفالاً بالذكرى السنوية العشرين لتأسيس العلامتين التي توافق هذا العام، يخطط ستيبان لتعاون العلامتين مع بعضهما البعض.

يقول: أخطط لساعة S.U.F مع مجسم للقمر على مينائها. أخطط لإطلاق إصدار خاص بالفعل، سيبلغ سعره حوالي 3000 يورو؛ حيث أريده أن يكون ساعة بسعر معقول. نخطط لإطلاق 9 إصدارات ذات تراكيب مختلفة من ألوان الموانئ وألوان (أطوار) القمر – 20 ساعة لكل إصدار، أي بإجمالي 180 قطعة. وأنا متأكد من أنها ستحقق نجاحاً.

مستقبل العلامة
يدير ستيبان علامتين تجاريتين، وهذه ليست مهمة سهلة. كما أن ستيبان متخوف من اتخاذ الخطوة التالية على دربه لتحقيق مزيد من النجاح؛ لأنه في كل مرة أفعل شيئاً جديداً، تحدث كارثة في مكان ما على سطح هذا الكوكب، وينهار الأمر برمته سريعاً. ما أود فعله هو التعمق في علم صناعة الساعات، وصنع المزيد من الحركات الخاصة بي. وقد اتخذت بالفعل الخطوات الأولى، وأنا لست على عجلة من أمري، حيث سيوافق العام 2025 الذكرى السنوية الثمانين لإطلاق ساعة Moomins، وأنا أعمل على ذلك بالفعل. ويفضل ستيبان أن يظل نطاق عمله صغيراً، لأنه عندما يكبر – كما يقول – فإن ذلك يعني المزيد من الضغط.

جامعو ساعات ساربنيفا
هناك الكثير من جامعي ساعات Sarpaneva، عن ذلك يقول: من الغريب أن الذين يجمّعون ساعاتي هم أولئك الذين يجمعون عادة الساعات الأغلى ثمناً. الكثير من الجامعين – تحديداً الجامعون الجدد – يتصلون بي ويطلبون ساعة أو شيئاً ما، ثم يسألونني: بالمناسبة هل لديك البريد الإلكتروني الخاص بفريق بارت آند تيم (غرونيفيد)؟ أو كاري؟ وهكذا ينتهي بي الأمر بالقيام بالبيع لصالح أصدقائي. وساعاتي هي ساعات ممتعة، وإنه لأمر جيد لأن الذين يشترون ساعات من أجل عامل المتعة، قد يرتدون هذه الساعات في الواقع أكثر من ساعاتهم الأخرى. وبهذه الطريقة، فإن هؤلاء قد يرتدون ساعة Moomin فوق المعصم، وفي الوقت نفسه لا يزالون يشعرون بأنهم من عشاق صناعة الساعات الراقية.