لقاءات

صناعة الساعات على طريقة إيه. لانغيه آند صونه

اكتسبت دار صناعة الساعات إيه. لانغيه آند صونه التي تعود أصولها إلى بلدة غلاشوتي الألمانية، شهرة اسمها بسبب رقي صناعتها للساعات ولمساتها النهائية الرائعة التي تميز إبداعاتها. التقت مجلتنا ويلهم شميد، الرئيس التنفيذي للدار، ليحدثنا عن إصدارها الأخير زايت ويرك هوني غولد – لومن-Zeitwerk Honeygold “Lumen”، وفلسفة الشركة في صناعة الساعات.

دعنا نبدأ بالحديث عن آخر إصداراتكم؛ ساعة زايت ويرك هوني غولد – لومن؛ فقد أصبحت ساعات لومن تشكيلة شهيرة بحد ذاتها، فهل توقعتم مثل هذا الاستقبال عند إطلاق هذه الساعة للمرة الأولى.

لم أكن قد انضممت إلى الشركة بعد عندما تم إطلاق أولى ساعات زايت ويرك لومن في 2009-2010. الكثير من الناس يحبون التصميم المهيكل لأنه يكشف عن أجزاء الحركة، لكننا في الشركة لسنا من المعجبين كثيراً بالتصميم الهيكلي؛ لأننا دائماً قلقون من ناحية الشمس – أي ضوء النهار والأشعة فوق البنفسجية أن ينفذا إلى داخل الحركة، وهو الأمر الذي يحدث عندما تكون أجزاء الحركة مكشوفة كما في التصميم الهيكلي. فقد يتأكسد الزيت بسرعة، كما أن ذلك يتعارض بقوة مع فلسفتنا الخاصة بالمتانة؛ لأن التصميم الهيكلي يجعل كل شيء في الحركة أكثر ضعفاً. فكان المفهوم الأقرب إلى التصميم المخرّم أو المفتوح للحركة، ومن دون الاضطرار إلى هيكلة التصميم؛ والذي يتعارض مع نهج لانغيه في صناعة الساعات؛ هو تقنية لومن Lumen – وهي عبارة عن وضع بلورات معينة تسمح بنفاذ كمية محددة من الضوء إلى داخل الحركة، والقيام بشحن المادة المضيئة.

تلك كانت هي الفكرة الأساسية التي تبين أنها تمنح ساعة تقليدية للغاية مزية فائقة الحداثة؛ كما كانت ثمرة الكثير من الجهد والعمل الشاق. بمرور الوقت، أحب زبائننا هذا المفهوم أو هذه الفكرة، التي أصبحت ما عليه اليوم. فهل كان الأمر مخططاً له منذ البداية؟ سأكون كاذباً لو قلت ذلك! وبإنتاج الإصدارات الثلاثة أو الأربعة الأخيرة، أصبحنا متأكدين من كيفية عمل الفكرة ووضعنا خططنا وفقاً لذلك. لكن لا تصلح هذه الفكرة للعمل في جميع الساعات؛ لأنه يجب أن يكون هناك شيء في الساعة يحتاج إلى إضاءة؛ مثل عرض التاريخ كبير الحجم. فهذا المفهوم على سبيل المثال لا يعمل مع ساعات 1815، حيث لا يوجد فيها الكثير من العناصر. وكما هي الحال دائماً بالنسبة إلينا، لدينا بنية واضحة المعالم وفكرة محددة وراء تصميمها، ولهذا أعتقد أنها فكرة مدعاة للفخر.

بالنظر إلى حقيقة أنكم بالفعل تعلمون أن الساعة ستُباع على الفور، لماذا أضفتم حركة جديدة إلى الساعة بينما كان بإمكانكم فقط إطلاق إصدار لومن من ساعة زايت ويرك هوني غولد، ومن ثم تقومون لاحقاً بإطلاق الحركة الجديدة ضمن ساعة أخرى؟
من الواضح أننا لا نفعل هذا؛ فلو كنا طرحنا ساعة زايت ويرك لومن ذات علبة مختلفة فقط، كان زبائننا سيخيب أملهم فينا كثيراً. ورغم أنها كانت ستكون خطوة ناجحة تجارياً للغاية، إلا أننا لا نريد ذلك؛ ولهذا السبب أطلقنا ساعة لومن، ولكنها مختلفة جداً عن الساعة التي أطلقناها في عام 2009.

عندما يُسأل جامعو الساعات عن رأيهم في إحدى ساعات لانغيه، يكتفون بالقول: إنها لانغيه، وهذه العبارة تقول كل شيء بالنسبة إليهم؛ فما هو تعليقك؟
البعض يحبون ما نقوم به، والبعض الآخر يحب الساعات الأخرى، ولغات التصميم الأخرى، وطرق التنفيذ الأخرى، وأعتقد أن هذا رائع لأن هذا هو ما نريده بالضبط. فنحن نقوم بإنتاج 5500 ساعة فقط في السنة. ووفقاً لهذا النهج، لا يمكننا إنتاج ساعات يرغب الجميع في اقتنائها.

أليس 5500 ساعة عدداً كبيراً بالنظر إلى كم البراعة الحرفية والتفاصيل والتشطيبات التي يحتاج إليها تصنيع كل ساعة منها؟
وهذا هو السبب في أن لدينا أكثر من 500 شخص يعملون في مصنعنا؛ وهذا العدد ثمرة 20 عاماً من تدريب صانعي الساعات وتشغيل مدرسة لصانعي الساعات. فهذا لم يحدث بين عشية وضحاها، بل هو عمل شاق مضنٍ على مدى فترة زمنية طويلة قام به العديد من الأشخاص، وإلا لما كان هذا ممكناً.

معظم العلامات لم تكن لتهتم بترقية آلية الحركة، بما أن آلية الحركة السابقة تُعد آلية رائعة. إلا أن لانغيه ذهبت إلى ما هو أبعد من مجرد ترقية الحركة، حيث قمتم بتغيير أشياء كثيرة كذلك.. فماذا تقول بهذا الخصوص؟
كان علينا القيام بذلك، فنحن إذا قمنا بعمل شيء، فإننا نرغب في القيام به على الوجه الصحيح، على طريقة غلاشوتي الألمانية، والتي أحياناً ما تكون مرهقة بعض الشيء؛ لأننا نبدأ من نقطة ما، وأثناء العمل يصبح الأمر فلنغير هذا ثم بعد ذلك وهذا أيضاً، أو لنتطرق إلى هذا الجانب، وما إلى ذلك.. حتى ينتهي بك الأمر إلى شيء أكثر بكثير مما كنت تظن في الأصل أنك ستقوم به. ولهذا السبب أحب فريقي؛ فهم دائماً يجيدون مفاجأة الجميع حتى أنا، لأنهم سيقطعون دائماً مسافة إضافية، وما ترونه في هذه الساعة هو ثمرة هذه المسافة الإضافية. هذه المسافة الإضافية نتج عنها مضاعفة مدة احتياطي الطاقة، وهي مهمة ليست سهلة، بالنسبة إلى حركة ثابتة القوة حيث تحتاج إلى إدارة طاقة ضخمة ضمن ساعة اليد على مدى فترة زمنية طويلة. نعم إنها مهمة غير بسيطة، فليس الأمر أن تضع زنبركاً أصغر أو أكبر حجماً؛ لأن الأمر لا يحدث بهذه الطريقة.

لم تتبع لانغيه على الإطلاق أي اتجاه سائد في صناعة الساعات؛ فقد كنتم دائماً تقومون بالأمور على طريقتكم، وبإيقاعكم أنتم، ولم تقوموا بطرح ساعة إلا بعد أن تكون جاهزة تماماً. ما رأيك في هذه الاستراتيجية؟
دعني أقل لك شيئاً، الطريقة التي نعالج بها الأمور ليست مثالية لاتباع الاتجاهات السائدة، ومن ثمّ لا نتبع الموضات أو الاتجاهات السائدة. فنحن نؤمن، ومرة أخرى هذه طبيعة عملنا التجاري، بأنه إذا كان بإمكانك إنتاج 5500 ساعة فقط، فلا حاجة بك إلى اتباع الاتجاهات السائدة. وإذا كنت ترغب في تصنيع ساعات ستظل دائماً وثيقة الصلة بصاحبها من ناحية التصميم، فلا حاجة بك كذلك إلى اتباع الاتجاهات السائدة؛ لأن الاتجاهات تظهر وتختفي، بينما مثل هذه الساعات صُنعت لتبقى.

فنحن لدينا الآن ست عائلات أو مجموعات ساعات مختلفة؛ وهذه رفاهية كبيرة لم نمتلكها من قبل، وهي دعائم نبني فوقها. وبالفعل لدينا مجموعات تصميم مختلفة، بحيث يمكننا التعبير عن جميع أفكارنا – من التقليدية جداً إلى فائقة الحداثة، لكن دائماً بما يتماشى مع معايير لانغيه. فهذا إذن هو معيارنا؛ وليس الاتجاهات السائدة، وليس السوق، ولا الثقافات أو الجنسيات. وهذا هو ما نسترشد به أثناء مثل هذه الأوقات.

كيف تمكنت لانغيه من الأداء بشكل جيد، حتى في الظروف الصعبة التي مر بها السوق مثل ما حدث أثناء الجائحة؟
لدينا تكامل رأسي تام، لذلك في أسوأ الحالات إذا لم يتمكن المورد من توريد المطلوب، فإننا نقوم بذلك بأنفسنا. وخير مثال على ذلك هو ميناء ساعة توربوغراف – بور لو ميريت التي قمنا بإطلاقها العام الماضي. حيث تم إغلاق الشركة الموردة للموانئ، فقررنا القيام بتصنيع الميناء بأنفسنا؛ حيث إننا لدينا بشكل أساسي الإمكانية والقدرة على تصنيع كل الأجزاء داخلياً إذا لزم الأمر.

كيف تمكنتم من القيام بذلك؟
أُطلقت الساعة في أكتوبر 2020، وهذا يعني أننا كنا بحاجة إلى الموانئ أن تكون موجودة في يونيو على أقصى تقدير، وفي مارس من العام المذكور بدأت سويسرا تطبيق إجراءات الإغلاق، فلم تكن لدينا فرصة للحصول على جميع ما نحتاج إليه بحلول شهر يونيو، وحينذاك قررنا بسرعة أن نقوم بتصنيع كل ما نحتاج إليه بأنفسنا. ومرة أخرى، لأن لدينا الإمكانية والقدرة على فعل ذلك؛ فإذا لم يكن لديك كلاهما أو أحدهما فلن يكون قرار القيام بذلك بنفسك حلاً بالنسبة إليك. نعم كان الأمر صعباً بالنسبة إلينا أيضاً، ولكن في أسوأ السيناريوهات يمكننا القيام بذلك بأنفسنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى