لقاءات

خلف كواليس فيليبس

فيليبس هي منصة عالمية رائدة في عالم المزادات العلنية، أسسها هاري فيليبس في العام 1796 في ويستمنستر، لندن. وقد اكتسبت فيليبس اعترافاً وتقديراً دوليين؛ بعد قيامها ببيع لوحات فنية من ممتلكات الملكة ماري أنطوانيت، وأغراض منزلية تعود إلى نابليون بونابرت، وتظل هي دار المزادات الوحيدة التي أقامت مزاداً داخل قصر باكنغهام. واليوم، تُعد الساعات إحدى الفئات الرئيسية لمزاداتها. داي آند نايت تحدثت إلى ألكسندر غوتبي، نائب رئيس الشركة لقطاع الساعات، ورئيس قسم الساعات في أوروبا والشرق الأوسط؛ لمحاولة فهم عالم مزادات الساعات.

هل يمكنك بداية أن تحدثنا عن الـغراند تور – الجولة العالمية – وإلى أي مدى هي مهمة بالنسبة إلى فيليبس؟
كل عام أو كل موسم، قبل بدء المزاد، نقوم بعمل جولة عالمية لعرض أبرز القطع المعروضة للبيع في ذلك المزاد، حتى نتمكن من عرضها على عملائنا من الشخصيات المهمة، وحتى يشاهدها عشاق الساعات وجامعوها؛ فهي وسيلة لتجميع أفراد مجتمع الساعات، وللقاء عملاء جدد، والترحيب بأفراد جدد، ولمجرد الحديث عن الساعات. وتشمل جولتنا بانتظام مدن هونغ كونغ ونيويورك ولندن، على الأقل، وهي الأماكن التي تضم صالات عرض تابعة لنا. وقد تشمل جولتنا أيضاً سنغافورة، وأحياناً تايبيه، وهذا هو العام الأول الذي تشمل جولتنا دبي؛ حيث يوجد هنا مجتمع كبير من هواة جمع الساعات؛ لذا كان من المفترض أن نأتي إلى دبي منذ فترة طويلة. وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلينا؛ لأنه يمثل فرصة عظيمة لعرض الساعات الرائعة التي نعرضها للبيع في مزاداتنا على الجامعين الذين لا يتمكنون من السفر بانتظام إلى جنيڤ.

تقومون حالياً بالعرض في صالة عرض ماد غاليري؛ فلماذا ماد غاليري؟ 
هناك سببان لذلك: الأول هو أننا في فيليبس كنا دائماً متطورين وأكثر حداثة ومعاصرة، وصالة عرض ماد غاليري هي مساحة عرض حديثة ومتطورة بشكل لا يُصدق؛ وهي جميلة وتناسبنا تماماً. فضلاً عن ذلك، فإن ماكسيميليان بوسير صديق مقرب جداً لي منذ فترة طويلة، وللحقيقة فأنا بدأت العمل في فيليبس بفضل ماكس. وقد بدا من الطبيعي بالنسبة إلينا أن نكون مع أصدقائنا، وأن نقوم بالعرض في مساحة رائعة تماماً تؤكد حداثتنا وتطورنا.

هل يعني هذا أنكم قد تعرضون في صالات عرض ماد غاليري التابعة لـإم بي آند إف في جولة عروضكم المقبلة أيضاً؟ 
إن شاء الله! كما يقولون هنا في دبي! أعني نعم بالتأكيد، لكن يجب أن أتحدث إلى صديقي ماكس حول هذا الأمر، ولكن بالنسبة إلينا كان العرض في ماد غاليري فرصة رائعة، كما كان الفريق هناك رائعاً بدوره؛ حيث كانوا متعاونين جداً، ورحبوا بوجودنا جداً. كما قدم لنا فريق أحمد صديقي وأولاده مساعدات كبيرة، لقد كان فريق عمل رائعاً، وشعرنا للغاية بدفء أجواء الترحيب. وآمل بالتأكيد أن نعود إلى دبي استعداداً لمزادنا في شهر نوڨمبر، للعرض في صالة عرض ماد غاليري.

هل تواجه أي مشاكل عادة عندما تسافر مع الساعات؟ 
لا، أعني في ما عدا الطقس الجنوني في دبي. نحن نعمل مع شركات النقل التي لديها مكاتب في المدن الكبرى الرئيسية، وهم يتولون كل الأمور المتعلقة بالجمارك والتأمين والنقل والأمن… وما إلى ذلك. لذا، كانت هذه في الواقع جولة سلسة للغاية.

كيف تختار فيليبس الساعات التي ستُباع في المزاد؟ ما هي المعايير؟ 
لدينا ساعات مختلفة تختلف معاييرها وتتنوع بالتبعية. أولاً يجب أن تكون الساعة عالية الجودة، وهذا هو أهم أمر. كما يجب أن تكون الساعة مثيرة للاهتمام؛ وقد تكون مثيرة للاهتمام من ناحية التصميم، أو من ناحية التعقيدات، أو من ناحية الندرة، أو الملاءمة. فنحن بحاجة إلى أن تكون لدينا ساعات متنوعة، يمكنها أن تخاطب أنواعاً مختلفة من هواة الجمع – بدءاً من جامعي الساعات العصريين وحتى جامعي الساعات الكلاسيكيين، وصولاً إلى شخص ما يبحث عن شيء ما يركز على التصميم أكثر، شيء ما أكثر كلاسيكية، سواء من إنتاج علامة ذات اسم كبير، أو من إنتاج إحدى العلامات المستقلة. إلا أن الأكثر أهمية هو أننا بحاجة إلى جلب ساعات – لا يمكنك العثور عليها في أي مكان آخر – إلى الأسواق، وهذا هو أكثر المعايير أهمية؛ لأنه إذا كنت تقدم ساعات مشابهة لما يمكن أن يجده العميل عبر الإنترنت، فما الذي يُضطره إلى الانتظار شهرين أو ثلاثة أو أربعة أشهر حتى موعد المزاد، ومن ثمّ يقوم بالمزايدة على الساعة، في حين أنه يمكنه زيارة موقع إلكتروني وطلب شراء ما يرغب فيه؟! فالقيمة المضافة هي أننا نُدخل إلى الأسواق ساعاتٍ لا يمكنك أن تجدها في أي مكان. وفي كل مزاد، يكون لدينا حوالي 200 ساعة، حيث أقوم أنا وفريقي بفحص ما يقرب من 1000 ساعة قبل اختيار الـ200 ساعة التي نعتقد أنها تستحق أن يتضمنها المزاد، وإذا نظرت إلى الساعات التي عُرضت في مزاد شهر مايو؛ وتحديداً من 11 إلى 12 مايو، فقد كان هناك الكثير من الساعات أو العلامات تشارك لأول مرة في المزادات. وهذا يعني أن تلك الساعة أو العلامة تحديداً، لم يسبق لها أن ظهرت في الأسواق، وهذا أمر مثير للاهتمام جداً بالنسبة إلينا.

كيف يمكنك افتراض سعر تقديري لساعات لم تكن موجودة في السوق من قبل؟ 
جزء كبير من الأمر يعتمد على مجرد شعور داخلي بقيمة الساعة التي لم تُشاهد من قبل في السوق. كما نحاول أن نراقب أداء ساعات مشابهة لهذه الساعة سبق أن ظهرت في الأسواق – ربما كانت من إنتاج نفس العلامة، لكن قد تكون موديلاً آخر. أو ربما ساعة تحمل توقيع علامة أخرى، لكن تشبه الساعة التي نقوم بافتراض سعر تقديري لها. في مثل هذه الحالة نقوم بالكثير من التخمين، ومن ثمّ في نهاية المطاف، السوق هي التي تقرر قيمة الساعة؛ لأن السوق هي التي تقرر ما هي على استعداد لدفعه من مبالغ للحصول على هذه الساعة.

عندما تتلقى ساعة من أحد العملاء لعرضها للبيع في المزاد، ما الذي تقوم بفحصه واختباره في هذه الساعة؟ 
لو كانت ساعة حديثة، فإننا نفحص ونتحقق من حالتها؛ لأنه بالنسبة إلى الساعة الحديثة يمكنك بسهولة معرفة ما إذا كانت ساعة أصلية أو مزيفة. وهكذا، فالأمر بالنسبة إلى الساعات الحديثة أكثر سهولة، كما يمكننا دائماً التحدث مع الشركة المصنّعة بهذا الخصوص. لكن إذا كانت لديك أية شكوك تتعلق بالساعات الكلاسيكية أو العتيقة، فهنا يصبح الأمر أكثر تعقيداً؛ لأنه لو كانت الساعة العتيقة هذه عمرها 50 أو 60 أو 70 أو 100 عام، فمعنى هذا أن لها حياة قد عاشتها؛ ولذا نحن بحاجة إلى معرفة متى تمت صيانتها أو في أي مرحلة تم إصلاحها، وما إذا كان ذلك تمّ بالشكل الصحيح، وباستخدام قطع الغيار الأصلية، وأن كل جزء في الساعة قد عومل بالاحترام المطلوب؛ بمعنى أن قرص الميناء لم يتم تغييره، وأن مؤشرات الميناء لم تتم طباعتها، وأن علبة الساعة لم تُعاد برشمتها، أو أن الأرقام لم يعاد حفرها. فهي عملية طويلة للغاية، نقوم فيها فعلياً بفحص كل شيء، ومن ثمّ نسلم الساعة لصانعي الساعات لدينا ليتأكدوا من أن مكوناتها أصلية. بعد ذلك كله، إذا كان لا تزال لدينا أية شكوك، فنحن في فيليبس نعمل ونتعاون كذلك مع عدد من العلماء وكبار جامعي الساعات، وهؤلاء شديدو التخصص؛ حيث إن بعض الجامعين يقوم بجمع ساعات موديل واحد، وبعضهم يقوم بجمع ساعات علامة واحدة، وهكذا. وأحياناً ما يكونون قد شاهدوا وفحصوا ساعات أكثر مما قمنا به نحن، وقد يكون في حوزتهم ساعات ليست لدينا؛ لذا نتحدث إليهم ونسترشد بآرائهم. وخلاصة القول إن عملية فحص الساعات العتيقة أو الكلاسيكية والتثبّت من أصالتها، يمكن أن تكون طويلة أي تستغرق وقتاً طويلاً، ودائماً ما تكون عملية دقيقة جداً.

لكن الساعات العتيقة التي يعود تاريخ صنعها إلى أكثر من 30 أو 40 عاماً، من المحتمل جداً أن تصلكم من دون علبة تقديم (صندوق) أو أوراق؛ فكيف يمكنكم توثيق أصالتها والتثبت منها؟ 
الأمر يختلف حسب الحالة، فعلى سبيل المثال؛ بالنسبة إلى ساعات باتيك فيليب أو أوديمار بيغيه أو ڤاشرون كونستانتين، نتصل على الفور بالشركة المصنعة ونرسل إليهم صوراً للساعة وما إلى ذلك. ونطلب منهم مستخرجاً من أرشيفهم، أو أي معلومات أخرى يملكونها. لكن بعض العلامات الأخرى مثل رولكس لا تقدم شهادات خاصة بأصالة الساعة، ما يعني أن عملية الفحص والتثبت من أصالة الساعة تستغرق وقتاً أطول أيضاً، لكننا بقدر ما نستطيع نحاول الحصول على مستخرجات وشهادات من الشركات المصنّعة.

بالنظر إلى المزادات، فإن التفضيل في الشراء يتجه بشكل عام إلى ساعات علامات رولكس وباتيك فيليب وأوديمار بيغيه، وذلك باعتبار الأرقام، فما هي العلامات الأخرى التي قد تكتسب شعبية في المستقبل القريب؟ 
ما قلتَه للتو صحيح جداً، وخصوصاً بالنسبة إلى باتيك ورولكس، ففي فترة الـ20-30 عاماً الماضية، كانت هاتان العلامتان بمثابة ملك وملكة السوق الثانوية وعالم المزادات. لكن، في السنوات الأربع أو الخمس الماضية، ظهر جيل شاب من جامعي الساعات، الذين أتوا من أسواق لم تكن في العادة أسواقاً ثانوية أو أسواق مزادات – وهؤلاء هم المشترون من دول مجلس التعاون الخليجي، ومن جنوب شرق آسيا، وهم أيضاً في سن الشباب. فهؤلاء مهتمون أكثر بأنواع أخرى من الساعات، وليس ساعات باتيك ورولكس؛ اللتين لا تزالان أكبر شركتين في سوق المزادات وأكثرها شهرة. وقد شاهدنا وصول إف بي جورن إلى مكانة مهمة في سوق المزادات، حيث تحولت اليوم من علامة مستقلة صغيرة إلى إحدى العلامات الرئيسية الكبرى. كما أن كارتييه لها حضور جيد. إلا أن المسألة اليوم ليست مسألة علامة، وإنما مسألة موديل. فقد يكون لديك بعض العلامات الكبيرة، إلا أن موديلاتها غير مثيرة للاهتمام أو غير ملهمة ولا تحقق نجاحاً، وفي المقابل هناك علامات لا تحقق نجاحاً وأداء جيداً في العادة، لكن لديها بعض الساعات المحددة التي تؤدي أداء جيداً للغاية في المزادات. واليوم، تبحث السوق عن الساعات التي تضفي على مرتديها طابعاً متفرداً؛ القطع التي لن تجد شخصاً آخر يرتديها فوق معصمه. أيضاً فإن علامات مثل إم بي آند إف ودي بيتون – وهما علامتان لا تزال ساعاتهما منتشرة في أوساط محددة – تحققان أحياناً أداء جيداً للغاية في الأسواق الثانوية.

برأيك ما هي أبرز الإصدارات التي شهدتها دورة العام 2024 من معرض Watches & Wonders؟
إذا نظرنا إلى العارضين الذين شاركوا في معرض Watches & Wonders، ستكون في مقدمة أبرز الإصدارات – بالنسبة إليّ – ساعة ڤاشرون كونستانتين: Les Cabinotiers – The Berkley Grand Complication Watch أو ساعة الطاولة؛ لأنها بالتأكيد لا يمكنك وضعها في جيبك، فأنت بحاجة إلى أن يكون لديك جيوب عميقة لشرائها. فهي كبيرة جداً، وتزن نحو كيلوغرام، لكنها مع ذلك ساعة رائعة؛ إنها عبقرية بشرية بامتياز، لقد نجحوا في وضع الكون داخل آلة ميكانيكية؛ فهي تقوم بحساب التقويم الصيني استناداً إلى حركة القمر والشمس، كما أنها تتضمن التقويم الزراعي، وتحتوي على 63 تعقيدة ساعاتية، وهذا شيء لم يُسمع به من قبل؛ فتحيةً كبيرةً لهم لصنعهم مثل هذه الساعة الاستثنائية؛ فمثل هذه الساعة هو ما يجعل صناعة الساعات مثيرة للاهتمام. لكن بالنسبة إلى الميزانيات الأكثر قدرة على الشراء، فقد أحببت ساعة Tortue Monopusher Chronograph من كارتييه، حيث التصميم، كما هي عادة كارتييه؛ أنيق للغاية، وقد نُفّذت بشكل رائع. ومن إبداعات شركة بارمجياني فلورييه، أحببت كثيراً موديلي توريك Toric الجديدين، خصوصاً إصدار الميناء ذي اللون الأخضر الغامق، فقد كانت إحدى الساعات المفضلة لدي هذا العام. وعلى مستوى الأسعار التي في المتناول، أو المعقولة؛ أكثر؛ يقوم الشباب في فورلان ماري Furlan Marri بعمل رائع، مستوحى بشكل كبير من التصاميم الكلاسيكية العتيقة، مثل ساعة سبيس ون تيلوريوم SpaceOne Tellurium؛ التي تجعل من الممكن شراء ساعة تتضمن تعقيدة التقويم، ومصنوعة من معدن التيلوريوم، مقابل حوالي 3000 يورو، وهو أمر لا يُصدق.

تنخفض السوق حالياً قليلاً بعد الارتفاعات التي شهدتها بسبب كوڨيد لتعود إلى طبيعتها؛ فما توقعاتك الحالية بالنسبة إلى صانعي الساعات المستقلين؟
هناك نوعان من المستقلين: الحرفيون المستقلون مثل سيمون بريت، وهم صانعو ساعات وجدوا طريقهم إلى الأسواق مؤخراً، ثم لديك العلامات الصغيرة جداً، أو المحدودة، وهي أيضاً من المستقلين؛ لأنها تنتمي إلى مالكيها، لكن هؤلاء ليسوا من صانعي الساعات؛ بل هم بالدرجة أولى مصممون، أو أشخاص لديهم أفكارهم حول شكل الساعات، ثم لديهم آخرون يقومون بتحويل الفكرة إلى تصميم، ومن ثمّ يقوم هؤلاء بتجميع الساعة. وتذكرني الفترة الحالية بما رأيناه قبل نحو 20 سنة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث كان يوجد الكثير من صانعي الساعات أو علامات الساعات المستقلين، والذين طرحوا أفكاراً مجنونة للغاية تُعتبر اليوم من الكلاسيكيات! لكن في ذلك الوقت، كان الكثيرون يستمدون إلهامهم من سلسلة ساعات أوبوس من إنتاج هاري ونستون، ولاحقاً مما كان يفعله ماكسيميليان بوسير. لكن لا أعتقد أن هناك مكاناً للجميع. ولسوء الحظ، هناك الكثير من – لم أكن لأسميهم جامعي الساعات، بل بالأحرى – المستثمرين أو تجار الساعات، الذي دائماً ما يحاولون اكتشاف من هو فرانسوا-بول جورن المقبل، والذي ستصبح علامته المستقلة هي التالية التي تتحول إلى علامة كبرى. وهؤلاء يحاولون ركوب الموجة ليقولوا: كنت هنا أولاً. حيث يؤدي هذا أحياناً إلى نجاح أشخاص ليس لديهم تاريخ في صناعة الساعات، والذين تخرجوا للتو في المدرسة، وهو أمر لا يُصدق! لكن الأمر لن يكون سهلاً بالنسبة إلى الجميع؛ فليس كل صانعي الساعات رجال أعمال جيدين، كما أن ليس كل صانعي الساعات مصممين جيدين. نعم هم صانعو ساعات جيدون، ولكن في النهاية هذه تجارة. نعم، آمل أن ينجو الكثير منهم من الموهوبين وممن يستحقون النجاة، لكنني لا أعتقد أن الجميع سيتمكنون من النجاة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى