رجب رجبي هو اسم مشهور في مجال صناعة الساعات الراقية، خصوصاً بعد فوزه، في العام 2022، للمرة الثانية بجائزة مسابقة جائزة جنيڤ الكبرى لصناعة الساعات الراقية GPHG في فئة أفضل ساعة رجالية عن ساعته Chronomètre Contemporain II. في العام 2012 أسس رجب رجبي أتيلييه أكريڨيا، مصنعه الواقع في البلدة القديمة في جنيڤ، لكنه لم يكن جاهزاً لوضع اسمه على موانئ إبداعاته إلا في العام 2018. في هذه السلسلة المستمرة التي تتناول صانعي الساعات الراقية البارزين، نسلط الضوء هذا الشهر على رجب رجبي، وتطوره كصانع ساعات يوقع باسمه على موانئ ساعاته.
طفولة تقليدية – كوسوڨو
وُلِدَ رجب رجبي في العام 1987 في قرية صغيرة تُدعى زيغير، على ضفاف نهر كاراداك في كوسوڨو. نشأ هناك ضمن عائلة كبيرة. يقول: اعتدنا أن نعيش جميعًا معًا، عائلة ممتدة، مع أعمامي في منزل واحد. وُلِدتُ هناك ونشأتُ مع جدتي لأن والدي كان يعيش في سويسرا منذ العام 1976. ومثل العديد من العائلات الأخرى، أرسلت عائلتنا أحد أفرادها إلى بلد آخر لتحسين مستوى المعيشة، وكسب المزيد من المال، والاعتناء بالعائلة. كان والدي في سويسرا، وكان يعتني بنا ماليًا، لكنني نشأتُ مع جدتي.
حب مبكر للساعات – سويسرا
قد يكون هناك العديد من الأسباب لاختيار رتشب مساره المهني، لكنه يُرجع السبب الرئيسي إلى إعجابه الكبير بوالده عندما كان طفلاً صغيراً. يقول: في كوسوڨو، لم يكن يتسنى لي أن أرى والدي كثيرًا، ولذلك عندما كان يزورنا، كنت أرغب في قضاء الوقت معه. لقد كنت أعتبره بطلاً. وأتذكر أنه كان لديه دائمًا عدداً من الساعات؛ لم تكن ساعة واحدة فقط، بل عادةً ما كان لديه ساعات متعددة. وأتذكر أنني كنت أرتدي بعض تلك الساعات، وأتذكر أنني كنت أحاول التحدث إليها … والاستماع إليها، من دون أن أفهم أي شيء. كنت أسمع فقط صوت دقات الساعات.
لكن صوت الدقات هذا ظلّ عالقًا في رأسه، ومحفوراً في ذهنه، وعندما سافر إلى سويسرا في العام 1998، حمل معه هذا الصوت الغامض. جئت إلى سويسرا لأننا اضطررنا إلى مغادرة كوسوڨو أثناء الحرب. لم نكن نخطط لذلك، حيث كان والدي يريد العودة إلى كوسوڨو يومًا ما. ولكن أثناء الحرب، لم يكن لدينا خيار آخر. فقد انضممنا إليه بعد أن هربنا من كوسوڨو، وعندما وصلت إلى هنا، كان أول شيء رأيته هو إعلان عن الساعات. وسرعان ما بدأت أدرك أنني جئت إلى بلد الساعات.
بدأ رجبي الصغير الدراسة في المدرسة، وواجه القسوة العادية التي قد يتعرض لها الأطفال في كل مكان. في سنواته الأولى في سويسرا، كافح من أجل التأقلم والاندماج في حياته الجديدة، في سنواته الأولى في سويسرا، ولم يكن لديه الكثير من الأصدقاء. كنت أحاول العثور على شغفي واكتشافه، وبدأت أبدي اهتماماً بالساعات. قرأت بعض الكتب، وجربت هوايات مختلفة، ولكن عندما بلغت 13-14 عامًا، كنت متأكدًا من أنني أريد تعلم صناعة الساعات. وأردت الحصول على تدريب مهني وتعلم كيفية صنع ساعة. بالنسبة لي، كان ذلك أمراً رائعاً.
التعلم من الأفضل – باتيك فيليب
بمجرد أن حدد مساره المهني، كان الشاب رجبي طموحًا بما يكفي ليقرر التعلم من الأفضل، لذا بدأ تدريبه المهني مع دار باتيك فيليب. يقول: كنت أرغب في الحصول على أفضل تعليم ممكن. كنت أبحث وأستفسر عن المعلومات. وكنت قد اعتدت التزلج مع صديق لي، كان قد بدأ تدريبه المهني. سألته عن أفضل مكان للتدريب المهني ولماذا. فنصحني بالذهاب إلى باتيك فيليب. كتبت إليهم، وأجريت بعض الاختبارات، وفي النهاية تم قبولي.
يقول: الأمر الجيد جداً في باتيك هو أنه يمكنك الوصول إلى جميع المواد. وهناك نقطة مهمة أخرى، هي أنهم يسمحون لك بالعمل في جميع الورشات، في جميع أنحاء الشركة، بحيث يمكنك رؤية وتعلم كل شيء. بالنسبة لي، كان هذا أمراً لا يصدق؛ لأنني تمكنت من تعلم جميع الأساسيات، إذ إنه من المهم جدًا أن تتعلم أساسياتك بشكل صحيح.
إتقان التعقيدات – بي إن بي كونسبت
بعد إكماله تدريبه المهني في باتيك فيليب، ذهب رجبي، عندما كان عمره 20 عاماً، للعمل في شركة بي إن بي كونسبت، وهي مركز ابتكاري متخصص في تصميم حركات الساعات المفاهيمية عالية التقنية، أسسها ثلاثة من صانعي الساعات الذين كانوا يعملون سابقًا في باتيك فيليب. انضممت إليهم لعدة أسباب؛ فقد كنت شاباً وأردت أن أتعلم المزيد. كنت أعلم أن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً لكي أحقق تقدماً على المستوى المهني، قبل أن أتمكن من العمل على التعقيدات، وهو ما كنت أرغب في القيام به. فهذا هو ما أحب عمله، واعتقدت أن الوقت كان مناسبًا للانتقال وتعلم المزيد.
كانت بي إن بي كونسبت فرصة جيدة بالنسبة لي؛ لأنهم كانوا معتادين على ابتكار حركات معقدة. عندما اتخذت هذا القرار، كنت أعلم أنني سأحصل على المزيد من الفرص للتعلم. لقد كانت شركة ناشئة، وكان ذلك مثيراً للاهتمام حقًا لأنك تتعلم هناك كيفية بناء حركة. قمت ببعض أعمال النماذج الأولية، كما كنت أدير فريقاً.
حلم يتحقق – إف بي جورن
كانت المحطة التالية في رحلة رجبي المهنية هي إف بي جورن، ويصف تلك الفترة قائلاً: كان ذلك حلمي. كنت أتابعه وأراقب تطوره؛ فلطالما أردت أن أكون مستقلاً. لذلك، بالنسبة لي، كان حلمًا أن أعمل لدى صانع ساعات مستقل – لأفهم رحلته بشكل أفضل، وأفهم دوافعه وأشعر بها. وأخيرًا، انضممت إليه في العام 2010، وكانت تجربة رائعة.
في أوساط الصناعة، يُعرف إف بي جورن بأنه مدير عمل صارم، حيث يكون كل صانع ساعات عنده مسؤولًا بالكامل عن صنع ساعته، وكل شيء فيها من الألف إلى الياء. لكن رجبي يقلل من صعوبة هذا الأمر، يقول: نعم، رغم أن هذه الطريقة صعبة، إلا أنني كنت دائمًا أرغب في تجربة الخطوة التالية، وكانت طريقة تعليم جيدة حقاً. فعندما يدير الشركة أو يقودها صانع ساعات، تكون الرؤية والتصور مختلفاً – مختلفاً تماماً. لهذا السبب أردت العمل معه، وكانت تجربة مذهلة.
التحول إلى صانع ساعات مستقل – أتيلييه أكريڨيا
استمر رجبي في العمل مع إف بي جورن لمدة عامين فقط. يقول: كنت أود البقاء لفترة أطول، لكن هكذا تسير الحياة. فجأة بدأت الأمور تتجمع وتتبلور، وفي العام 2012 بدأت ورشتي الخاصة. لم يشعر رجبي بأي ندم على تركه وظيفه، التي كانت تدر عليه دخلاً بالفعل، ليبدأ مشروعه الخاص. في الحقيقة، كان الأمر أكثر إثارة للخوف لاحقًا. كانت المرة الأولى التي اتخذت فيها قرارًا بأن أصبح مستقلًا يومًا ما، عندما كنت في باتيك. كنت في السادسة عشرة أو السابعة عشرة من عمري، وكانت لدي تلك الساعة – ساعة باتيك فيليب 10-داي توربيون 5101 من البلاتين – بين يدي. كانت تلك هي المرة الأولى التي أمسك فيها ساعة توربيون ، وقد جعلتني هذه الساعة أدرك أن هذا شيء مذهل. وقتها عرفت أنني أريد أن أصنع شيئًا كهذا يومًا ما، ومنذ تلك اللحظة حاولت اتخاذ كل قرار ممكن للذهاب في هذا الاتجاه.
عندما بدأت في العام 2012، كنت شابًا، وفي سن الخامسة والعشرين، حيث تعتقد أنك تعرف كل شيء، لكنك في الحقيقة لا تعرف. كنت متأكداً من أن الجميع سيحبون ساعتي. كنت ساذجًا تمامًا لأعتقد ذلك، وبالطبع لم يكن الأمر كذلك. لكن في ذلك العمر، يمكنك المخاطرة. فأنت لا ترى الصعوبات حقًا، ولذلك بالنسبة لي، كان قرارًا سهلاً. ولكن على مدى بضع سنوات، كان الأمر صعبًا للغاية.
على عكس معظم الناس، عندما أسس رجبي علامته التجارية، استخدم اسم Akrivia أكريڨيا وليس اسمه. وهو يرجع السبب في قراره هذا إلى والده، يقول: قال لي والدي، عندما جئت إلى سويسرا لأول مرة: أنت تعلم أن هذا البلد سيمنحنا كل شيء. يمكنك هنا أن تعمل وتعيش حياة جيدة، لكن عليك أن تبذل ضعفي الجهد الذي يبذله الشعب السويسري؛ لأنهم قدموا لك الكثير، فعليك أن تُظهر لهم أنك تحبهم وأنك ممتنٌّ لهم. ظل هذا الكلام في رأسي، وفكرت في نفسي: أتعرف ماذا؟ لا يمكنك المجيء إلى سويسرا، وصنع ساعات سويسرية، ثم تضع عليها اسماً ألبانياً، أليس كذلك؟.
كنت أفكر أنني في الخامسة والعشرين من عمري فقط، ولم أحقق شيئًا في الحياة. فكيف يمكنني أن أضع اسمي على الساعة؟ في تصوري، يجب عليك أن تثبت حقاً أنك أنجزت شيئًا، وبعدها يمكنك أن تضع اسمك على الساعة كصانع ساعات محترف.
مرة أخرى، على عكس معظم الأشخاص الذين كانوا سيختارون ابتكار شيء بسيط، اختار رجبي الطريق الأصعب، حيث اختار العمل على ساعة ذات تعقيدات عالية كأول إبداعاته. وهو يفسر ذلك الآن قائلاً: لأنك تعلم، عندما تكون شابًا، تريد أن تثبت للناس أن لديك القدرة على ابتكار ساعات معقدة. ولا أعرف ما إذا كان ذلك قرارًا صائباً في ذلك الوقت؛ لكن الآن، لا أعتقد ذلك. لأن السنوات الأولى كانت صعبة للغاية، ولم تكن هناك أي مبيعات. وعلى الرغم من ذلك، كنت سعيدًا باتخاذ جميع تلك القرارات، لأن هذه الساعة كانت من صنعي بالكامل.
وورشة رجبي أتيلييه أكريڨيا، هي اليوم ورشة متكاملة تماماً ومقرها جنيڤ، لكن الأمر في البداية لم يكن على هذا النحو. يقول: عندما بدأت، أردت فقط صنع بعض الساعات، وأن أكون بمفردي، وأن أعمل بهدوء واسترخاء، كما تعلم، فأردت فقط صنع ساعاتي أنا، وتطبيق فلسفتي. لكنني أدركت شيئاً فشيئاً أن الأمر لم يكن بتلك البساطة. فأنت تتلقى مكالمات باستمرار، ثم هناك أمور إدارية يجب القيام بها، لذلك أنت بحاجة إلى المساعدة. ومن ناحية أخرى، أنت في سويسرا، والإيجار وكل هذه الأمور ستكلفك الكثير. لذا، تدريجيًا تطورت قليلاً وبدأت أعمل مع الآخرين. ولكنها دائمًا نفس القصة؛ عندما لا يكون لديك حجم إنتاج كافٍ، وعندما يكون لديك معيار جودة معين يجب الحفاظ عليه، يصبح الأمر صعباً.
لذا شيئاً فشيئاً، قمت بإدخال جميع خطوات تصنيع الساعة، لأنني لم يكن لدي خيار. واليوم، أنا سعيد جداً لأننا نصنّع مكونات الساعة؛ فنحن نقوم بتصنيع الموانئ والعلب والأحزمة. نقوم بصنع البنية الكاملة للساعة. لم يكن هدفي على الإطلاق أن أكون مستقلًا تمامًا، لكن لم يكن لدي خيار آخر. قد لا نكون الأفضل، ولكننا على الأقل نحاول أن نكون شيئًا يمكننا أن نفخر به.
رجب رجبي – مجموعة تحمل اسمه
أزاح رجبي الستار عن مجموعة الساعات – التي تحمل اسمه فقط على الميناء – في العام 2018، تحت مظلة أتيلييه أكريڨيا. فهل يغير ذلك شيئًا؟ لا يعتقد رجبي ذلك، يقول: إنها علامتي التجارية، ولا تزال هي ورشتي نفسها، لذا لا شيء سيتغير في هذا الخصوص. وضعت اسمي على الميناء في العام 2018، لأن العديد من هواة جمع الساعات كانوا يلحون عليّ ويخبرونني مرارًا وتكرارًا أنه يجب عليّ فعل ذلك. وأخيرًا، قررت أنها اللحظة المناسبة لتوقيع ساعاتي، لأنني الآن من يقوم بصنعها بالكامل. كما أن الناس لديهم تفسير مختلف، لأنهم لا يرونها كعلامة تجارية ثانية، بل ينظرون إلى الأمر على أنه صانع ساعات مستقل يوقع ساعاته باسمه. كانت لحظة مهمة وفارقة، لأن الناس بدأوا ينظرون إلى الساعة وإليك بشكل مختلف.
أعتقد أن ذلك كان تغييرًا كبيرًا جدًا. فقد تغير الجانب التصميمي بالتأكيد؛ فساعات أكريڨيا أكثر حداثة وأكثر مرحًا، بينما ساعات رجب رجبي أكثر كلاسيكية، حيث تستهدف الأشخاص الذين يحبون بالفعل الساعات الكلاسيكية. لقد بدأت رحلتي في صناعة الساعات مع باتيك، والتي تعني بالنسبة لي الساعات التقليدية الكلاسيكية. لكنني بدأت بشيء مختلف مع أكريڨيا لأنني أردت عمل شيء مختلف. ففي سن الخامسة والعشرين، أردت فعل شيء مختلف، لكنني سرعان ما أدركت أننا في صناعة الساعات لسنا منفتحين تماماً، حيث لا نزال نريد اتباع بعض القواعد، وهو أمر جيد، لكنني سأستمر في تجربة أشياء أخرى جديدة، حيث إنني لا أقتصر على صنع الساعات الكلاسيكية فقط.
كان النجاح المدوي لأول ساعة أطلقها باسمه، ساعة Rexhep Rexhepi Chronomètre Contemporain، مفاجأة سارة بالنسبة إلى رجبي. يقول: نعم، بالتأكيد، كانت مفاجأة رائعة؛ لأنه عندما تقارنها بأول ساعة صنعتها، والتي كان عليّ الانتظار لمدة ثلاث سنوات لبيعها، فإنه حقاً لشرف لي أن ينتظر هواة الجمع بضع سنوات للحصول على ساعاتهم الجديدة.