لقاءات

”غروبل فورسي“.. لهذه الأسباب تختلف عن الآخرين

في زيارته الأخيرة إلى دبي، وجد ستيفن فورسي، الشريك المؤسس لشركة صناعة الساعات السويسرية الراقية المستقلة “غروبل فورسي”؛ وقتاً للجلوس معنا والحديث إلينا. وبمتابعتك قراءة هذا الحوار يمكنك اكتشاف كيف تمكنت العلامة من تصنيع إبداعات ساعاتية مذهلة؛ مثل “ديفيرانسيال ديغاليتيه” و”كوادربل توربيون”.

بداية هل يمكنك أن تخبرنا بمدى الدقة الذي حققته العلامة لدى تطويرها كاليبر جديداً في ساعة “ديفيرانسيال ديغاليتيه”؟

لطالما كانت علامة “غروبل فورسي” مهتمة للغاية بمسألة كيفية الحصول على طاقة سلسة ثابتة لتزود بها مجموعة الميزان (ضابط الانفلات). وتختلف ساعة “ديفيرانسيال ديغاليتيه” عن أي جهاز للقوة الثابتة؛ وذلك لأن جهاز القوة الثابتة في هذه الساعة يوجد داخل مجموعة الميزان ويعمل بطريقة مختلفة. وقد أردنا التدخل بوجود جهاز قبل مجموعة الميزان (ضابط الانفلات أو الهروب)، وبهذه الطريقة يمكننا توفير إيصال طاقة سلسة – بطريقة سلسة – إلى أجزاء الحركة. فعندما يكون خزان الزنبرك الرئيسي في الساعة الميكانيكية كامل التعبئة، يكون ممتلئاً بالطاقة التي تنخفض تدريجياً بمرور الساعات. وحيث إن طاقة أقل تذهب إلى مجموعة الميزان، فإن عجلة الميزان تتحرك بشكل أبطاً ويتغير ضبط الوقت. ولهذا إذا استطعنا الحفاظ على تدفق الطاقة إلى مجموعة الميزان بشكل ثابت، فعندها سيكون لدينا فرصة أفضل للحفاظ على عملية ضبط الوقت بشكل دقيق.

إذن كيف فعلتم ذلك؟

قمنا بإنشاء زنبرك ثانوي قريب من حلقة ضابط الانفلات، وهو زنبرك خفيف الوزن حيث إن الطاقة اللازمة لتشغيله قليلة جداً، وموضع هذا الزنبرك قريب من مجموعة الميزان. وما يحدث هو أن ذلك الزنبرك تتم إعادة تعبئته أغلب الأحيان، وهنا قمنا بإنشائه بحيث تتم إعادة تعبئته كل ثانية. وهذا شيء مشابه لإعادة تعبئة الترس التفاضلي، ولكننا في هذه الحالة قمنا بتصميمه بشكل ثوري. ففي جهاز إعادة التعبئة التقليدي هناك زنبرك ثانوي، قد تتم إعادة تعبئته كل دقيقة. وأيضاً في جهاز إعادة التعبئة التقليدي، يجب أن يقوم ضابط الانفلات نفسه بفتح الإغلاق وإطلاق إعادة التعبئة تلك، وهذا يعني أنك في كل دقيقة تأخذ جزءاً من الطاقة من مجموعة الميزان لإطلاق وإعادة شحن الزنبرك لتغذيته بالطاقة.

وقد تساءلنا – روبرت غروبل وأنا – عما إذا كانت هناك طريقة لجعل الزنبرك الثانوي تعاد تعبئته مرات أكثر، ولكن من دون استخدام طاقة من مجموعة الميزان لإطلاقه من أجل القيام بذلك. ولهذا قمنا بتصميمه داخل ترس تفاضلي، يوجد تحت المركز، وهذا الترس التفاضلي يوجد داخله زنبرك. وهكذا فإن الطاقة الداخلة إليه من أعلى ستدخل إليه في مكان واحد، وبهذا فإن الترس التفاضلي المتموضع هنا سيقوم بتقسيم أو تفريق الطاقة للذهاب في اتجاهين. فأحد الجانبين سيمكّن الزنبرك – الذي يقوم بتغذية مجموعة الميزان بطاقة ثابتة – من إعادة التعبئة كل ثانية؛ ولهذا يمكن رؤية وظيفة الثواني الصغيرة في هذا الإصدار؛ حيث يغذي مرور الثواني ضابط الانفلات بطاقة سلسة ثابتة. والجانب الآخر للترس التفاضلي هو الذي يقوم بعملية الغلق والإطلاق وإعادة التعبئة، وهذا هو الجانب الذي يشير إلى الثواني الميتة أو توقف الثواني. ولأن الترس التفاضلي يقوم بتفرقة التغذية بالطاقة، فإن لدينا في هذه الساعة ترس يقوم بالتزويد بطاقة سلسة ثابتة مع الزنبرك الثانوي، بينما الجانب الآخر من الترس التفاضلي هو الجانب الذي يتبع مجموعة الميزان في حركتها. وهذا الجانب من الترس التفاضلي يوفر الطاقة لأنه يقوم بعمل أمرين في وقت واحد؛ حيث يتبع تقدم وعمل ضابط الانفلات، وهذا يعني أن عملية إعادة التعبئة لا تؤثر في مجموعة الميزان.

وكيف يؤثر هذا في دقة الساعة؟

ما هو فريد من نوعه، وجديد، ومثير للاهتمام، بالنسبة إلى ساعة “ديفيرانسيال ديغاليتيه”، هو ضابط انفلات عجلة الميزان الذي تم تصميمه بزاوية 30 درجة، والذي أصبح الآن سمة مميزة لساعات “غروبل فورسي”، ولكنه يعد جديداً للغاية في هذا السياق تحديداً. فقد تم اعتماده للتمكن من إيصال طاقة سلسة؛ أي بطريقة سلسة، وضابط الانفلات المائل يمنحنا مزيجاً رائعاً لأن زواية ضابط الانفلات تعني أنه عندما تكون الساعة ممددة فوق سطح مستو، وبوضع أفقي، تكون عجلة الميزان بزاوية 30 درجة. بينما عندما تكون الساعة في وضع رأسي، تكون عجلة الميزان بزاوية أيضاً ولكنها في هذه الحالة 60 درجة. وهكذا فبدلاً من أن يكون لدينا زاوية 90 درجة بين مدى عجلة الميزان في الساعات التقليدية؛ فإن لدينا الآن زواية 30 درجة وزاوية 60 درجة، وبالتالي يكون لدينا زواية 30 درجة بين مدى عجلة الميزان. وهكذا فقد جعلنا الاختلاف في مدى عجلة التوازن متساوياً. ففي الساعة التقليدية، ووفقاً للأوضاع الأفقية والرأسية، سيكون لديك فارق من 10 ثوان، بينما في ساعة “ديفيرانسيال ديغاليتيه”، وبسبب زواية 30 درجة ليس لدينا هذا الفارق من 10 ثوان، وإنما نحو 7 ثوان فقط. وأيضاً بسبب أن الحركة في ساعة “ديفيرانسيال ديغاليتيه” تتمتع بمصدر ثابت من الطاقة يقوم بتغذيتها، فإن الأداء ثابت تماماً أثناء الـ60 ساعة بالكامل، في حين أنه في الحركة العادية سيتغير الأداء بمرور الزمن.

وكم من الوقت استغرق تطوير ساعة “ديفيرانسيال ديغاليتيه”؟

الإصدار الأول الذي قمنا بتصنيعه من ساعة “ديفيرانسيال ديغاليتيه” كان قبل عشر سنوات، وكان نموذجاً تجريبياً تم إنتاجه لمرة واحدة، وهو الذي قمنا بعرضه في “معرض بازل العالمي للساعات والمجوهرات” في العام 2008. ولم تكن الفكرة هي صنع نموذج تجريبي لمرة واحدة، بل كانت بناء خبرة ودراية. ومن ثم قمنا بتصنيع الإصدار الثاني، والذي كان أيضاً ساعة تجريبية، وهو ساعة يد تتضمن خاصية الترس التفاضلي المتساوي. وكلا الإصدارين منحنا النتائج التي قمنا بالبناء عليها، والآن لدينا الإصدار الثالث من ساعة “ديفيرانسيال ديغاليتيه”، والذي يتمتع بسرعة مختلفة لإعادة التعبئة وعدة اختلافات طفيفة أخرى. وهذا الإصدار هو الذي اخترنا أن نقوم بتسويقه تجارياً، وعلى هذا فإن هذا الساعة استغرقت نحو عشر سنوات من الأبحاث والتطوير، ولا أعني هذا الإصدار الثالث فقط، وإنما المشروع بأكمله.

لماذا تشدد العلامة كثيراً على عملية التشطيب، حيث يوجد جزء كبير من موظفيكم يعملون في فريق التشطيب.

لأن هذا من الأمور المهمة بشكل أساسي بالنسبة إلى العلامة؛ فلدينا نحو 22 موظفاً يعملون في فريق التشطيب اليدوي. وقد جعلنا عملية التشطيب اليدوي والزخرفة المعقدة للحركة، من ركائز ودعائم العلامة. فنحن نريد الحفاظ على هذه الفنون التقليدية في زخرفة وتزيين الحركة، ولذا قررنا أن جميع الساعات التي نقوم بتصنيعها سيتم تشطيبها يدوياً بنفس هذا المستوى من البراعة الفنية. وفي هذا نحن نختلف عن أي من العلامات الكبرى الرئيسية؛ فنحن نوظف بين 20-25 فرداً لصنع 110 ساعات، بينما في علامة أكبر حجماً، يمكن أن يترجم هذا إلى نحو 200 فرد لصنع 1000 ساعة. علماً أنه لا يمكنك أن تجد الكثير من المهرة في هذا الفن، لكن هذا يعني أيضاً أن جامعي ساعاتنا يعرفون أنهم يحصلون على ساعة فائقة التشطيب.

نعم من الصعب جداً العثور على أشخاص ماهرين في هذا المجال؛ لأن التشطيب اليدوي لا يعد مهنة معروفة، ولذا يجب علينا استثمار قدر ضخم من الموارد لتدريب موظفينا، ثم الاحتفاظ بهم بعد أن يتم تدريبهم.

كيف تمكنتم من التعامل مع مادة الصفير لتطوير ساعة “كوادربل توربيون”؟

لطالما أردنا إبداع هذا النوع من العمارة الميكانيكية للحركة؛ حيث تضمنت ساعتنا “دوبل توربيون 30°” حركة ثلاثية الأبعاد بصورة فائقة. بينما تتضمن ساعة “كوادربل توربيون”، التي قمنا بإطلاقها في العام 2008، أربع آليات توربيون. وقد أدركنا أنه سيكون من الصعب جداً شرح التعقيد التقني لوجود أربع آليات توربيون في مساحة لمنفذين. أيضاً كان لدينا عدم تماثل في العلبة، مع وجود مادة الصفير؛ حيث إن الصفير من حيث الأصل مادة معقدة في التعامل معها؛ حيث إنها بالفعل مادة ثلاثية الأبعاد، ولذا كان أمراً صعباً أن تتناغم مع جسم العلبة والانحناء المزدوج للتصميم.

وفي ذلك الإصدار كان لدينا أربعة جسور من الصفير تحمل آليات التوربيون الأربع، لكننا اخترنا أن نجعلها تبدو مثل النوافذ المثبتة داخل الميناء، إلا أن تنفيذ هذه الجسور في الحقيقة كان عملية معقدة للغاية، ولاسيما ذلك الوقت في العام 2008. وبعد الكثير من المحاولات غير الناجحة، تمكنا من صنع هذه الجسور الصفيرية؛ حيث قمنا بتصميم السطح العلوي، ثم قمنا بتصميم أسطوانة حوله، ومن ثم الأرجل لتثبيته، ويبدو الشكل أكثر شبهاً بقبعة إذا أخذنا مقطعاً عرضياً له. هذه الساعة هي ساعة معقدة جداً من ناحية إدراك تصميمها، وخصوصاً بسبب أن آلية التوربيون توجد في مستويات مختلفة، فإن عقرب الساعات يمر خلال فتحة تم تصميمها بعناية شديدة، وهو ما كان يعد في العام 2008 إبداعاً شديد التعقيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى