جوليان تورناري، الرئيس التنفيذي للشركة العريقة المصنّعة للساعات السويسرية الراقية “زينيث”، يتحدث إلى مجلتنا حول أهمية البناء – بناء الحاضر والمستقبل – بالاستناد إلى كل من تاريخ العلامة، وإبداع الساعة الأكثر دقة في العالم “ديفاي لاب”، وشراكات العلامة..
هل يمكن أن تخبرنا كيف توصلت “زينيث” إلى إطلاق شعار “مستقبل التقاليد” – The Future of” Tradition”؟ وما الذي يعنيه هذا الشعار؟
عندما التقيت للمرة الأولى بالسيد جان-كلود بيڨير للحديث حول مهمتي مع علامة “زينيث”، سألته ما الذي يريدني أن أفعله مع العلامة من خلال منصبي، وتوصلنا نحن الاثنان إلى النتيجة نفسها؛ فمن جانبي توصلت إلى هذه النتيجة لأنني كنت أعيش في آسيا واستطعت رؤية تحول الأجيال الجديدة في الصين، بينما من جانبه فقد توصل هو إلى النتيجة نفسها؛ لأن السيد بيڨير هو رجل دائماً ما يرغب في بناء المستقبل وليس تكرار الماضي. لدينا في “زينيث” تاريخ طويل من الإبداع يجب أن نحترمه، وأن نفخر به، وأفضل طريقة لاحترام هذا التاريخ هو استخدامه في بناء المستقبل. فقبل مئة عام لم يكن لدى مصنّعي الساعات سوى الأدوات الأساسية، أما اليوم فإن جميع الشركات تمتلك أدوات شديدة التطور. فالشركة التي تقوم بتصنيع ساعة لتكون هي نفس الساعة التي قامت بتصنيعها قبل 100 عام، هي بشكل أساسي شركة لا تحترم جهود صانعي الساعات السابقين؛ لأن القيام اليوم بتصنيع ساعة تم تصنيعها قبل 100 عام أمر أكثر سهولة جداً بما لا يقارن.
ومن خلال مهمتي مع “زينيث”، نريد أن نبدأ من هويتنا ومن نحن – كعلامة لتصنيع أجهزة الكرونوميتر الدقيقة – ولكن في الوقت نفسه العمل على كيفية تمكننا من تطوير الصناعة لنكون مستقبل صناعة الساعات السويسرية. وهذه هي النقطة التي انطلقنا منها، فاليوم هناك نوعان من علامات صناعة الساعات؛ حيث يوجد لديك علامات تمتلك الكثير من التاريخ، لكنها تشعر أنها عالقة في ذلك التاريخ؛ إذ لا تجرؤ هذه العلامات على فعل أي شيء أكثر من تكرار الماضي. ثم لديك العلامات الجديدة التي دخلت إلى عالم الصناعة بصفحة بيضاء لم يسجل فيها شيء؛ وهذه العلامات تستطيع أن تفعل ما تريد، إلا أنها لا تمتلك التاريخ. أما في حالة “زينيث” فأنا أريد أن يكون البناء مستندًا إلى التاريخ، ولكنه بناء للمستقبل.
ولكن كعلامة ألا يقيد كل ذلك التاريخ أيديكم؟
لا، لا أعتقد ذلك. وعلى سبيل المثال، فنحن في “زينيث” كان بإمكاننا إبقاء ساعة “إل بريميرو” بنفس الشكل الذي كانت عليه؛ تقيس عشر الثانية، أي واحد على عشرة من الثانية، وبتصميم كلاسيكي، لكننا أطلقنا ساعة “ديفاي”، والتي تعد نموذجاً مثالياً لفلسفة واتجاه العلامة. فالاسم مأخوذ من حقبة ستينيات القرن الماضي، بينما التصميم مأخوذ من حقبة سبعينيات القرن نفسه؛ فساعة “إل بريميرو” الثانية كانت مشابهة جدًا للساعة الأولى، لكننا قررنا أننا لا نريد دقة قياس تبلغ عشر الثانية، ولهذا دفعنا إمكانيات هذه الساعة لتقيس أجزاء المئة من الثانية أي واحد على مئة من الثانية، وعبرنا عن ذلك بطريقة شديدة المعاصرة. وفي هذا فقد بدأنا بالفعل من ماضينا، لكننا انتقلنا إلى التاريخ. ومن ناحية أخرى، لن أقوم بتصنيع “ساعة ذكية” أو ساعة متصلة بالإنترنت؛ ولست بصدد القيام بتصميم شكل مجنون تماماً؛ لأن هذه ليست “زينيث”. أحتاج إلى احترام الماضي، لكنني أحتاج إلى المضي قدماً وعدم تكرار ذلك الماضي؛ هذا هو الفرق. فإذا أردنا الحفاظ على اهتمام الجيل الجديد، والذي يسمى “جيل الألفية”؛ بإبداعاتنا، فإن علينا أن نظهر حيويتنا وديناميكيتنا، وأننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، وأننا لا نكرر ماضينا.
كم من الوقت استغرقت عملية البحث والتطوير من أجل التوصل إلى شكل ساعة “ديفاي لاب”؟ ولماذا تم إصدارها بمثل هذا العدد الصغير فقط؟ وهل تتوقع إنتاجاً بكميات كبيرة من هذه الساعة في المستقبل؟
قدمنا ساعة “ديفاي لاب” في سبتمبر من العام 2017، وقمنا بتسليم قطع هذا الإصدار في أوائل الربيع. ولطالما كنت محبطاً جداً بسبب أن النماذج الأولية من هذه الساعة ظلت نماذج أولية لفترة؛ فمن السهل أن تقوم بصنع بضع ساعات استثنائية، ولكن من الصعب جداً أن تقوم بتصنيعها في شكل سلسلة. ومنذ البداية، أردت تحويل ساعة “ديفاي لاب” إلى سلسلة إصدارات، والخبر السار الذي أعلنه هنا أننا سنكون قادرين على إطلاق السلسلة الأولى من ساعة “ديفاي لاب” في الدورة المقبلة من “معرض بازل العالمي للساعات والمجوهرات”.
وقد استغرق منا تطوير الثقل المتذبذب عامين من عمليات البحث، وهناك علامات أخرى عملت أيضاً على هذا الأمر ولكن لا أحد تمكن من الوصول إلى حل، إلا أننا تمكنا من العثور على هذا الحل. وهذا العام، لن نقوم بتصنيع آلاف القطع من هذه الساعة، ولكننا بالتأكيد سنقوم بتصنيع المئات منها؛ وهو تقدم ملموس مقارنة بالنموذج الأولى الذي اقتصر على 10 قطع، ولهذا أطلقنا على الساعة اسم “ديفاي لاب”؛ لأنها جاءت مباشرة من المختبر “لاب”. والآن، في سلسلة الإصدار الأولى سيتم تغيير الاسم ليصبح “ديفاي” مع إضافة أخرى إلى الاسم، وسيتم إطلاقها في “معرض بازل العالمي للساعات والمجوهرات”.
لكنها ستظل سلسلة ذات إصدار محدود، ربما من 500 قطعة.. أليس كذلك؟
بلى، شيء من هذا القبيل، فنحن لا نزال غير متأكدين من الكمية الدقيقة، لكنها ستكون بضع مئات. ونحن لا نعرف ذلك – العدد الدقيق – بعد؛ لأننا لا نزال نعمل على الأمور المتصلة بالعدد الذي يمكننا تصنيعه.
وماذا عن السعر؟
مازلت لا أعرف جميع العناصر الخاصة بهذه الناحية لإعطائك سعراً دقيقاً، لكنه سيكون بين 15 ألف و20 ألف فرنك سويسري.
سيكون هذا سعراً مثالياً..
نعم، لأنها ساعة فريدة من نوعها، فضلاً عن أنها جذابة بصرياً، حتى إن الأشخاص الذي ليست لهم صلة أو معرفة بصناعة الساعات يمكنهم إظهارها والتفاخر بها أمام أصدقائهم.
هل يمكنكم إضافة وحدات إضافية إلى الحركة؟ وهل لدى الحركة القدرة على التكيف مع مثل هذه الإضافات؟
نعمل حالياً على بعض عمليات المحاكاة لنرى إلى أي مدى يمكن للحركة التكيف وتقبل ذلك. وجزء من الاهتمام، بالنسبة إليّ، موجه إلى التأثير البصري للساعة؛ فإذا أخفيته مع هذه الإضافات تكون ساعة مختلفة. فمن الرائع أن تشاهد تذبذب الساعة واهتزازتها، فالناس يحبون هذا؛ فعندما أطلقت ساعة “ديفاي 21” حول العالم، كنت أسافر دائماً وأنا أحمل في جيبي نموذجاً أولياً لساعة “ديفاي لاب”، وكنت أريها للناس وقد أحبوها، وبالفعل حصلت على الكثير من طلبات الشراء المسبقة.
كيف نشأت شراكة “زينيث” مع شركة “بامفرد واتش دبارتمنت”؟
بعد عدة أسابيع من انضمامي إلى علامة “زينيث” في مايو الماضي، جاء إليّ السيد بيڨير وأخبرني أن شركة “بامفرد” البريطانية المتخصصة في تجارة الساعات الفاخرة، تود العمل معنا بشكل رسمي. فقد سبق أن عملوا بالفعل على ساعات “زينيث”، كما مع علامات أخرى، بشكل غير رسمي. ولأنني أتيت إلى “زينيث” من علامة تقليدية، فقد كنت غير متحمس بخصوص أن يقوم أحد ما بالاقتراب من تصنيع وتصميم ساعاتنا، وقد أخبرت بذلك السيد بيڨير؛ والذي كان عادلًا جدًا، حيث لم يخبرني أنك يجب عليك القيام بذلك، بل قال لي: “أنت الذي تقرر ما إذا كنا سنقوم بذلك أم لا. لكن الشيء الوحيد الذي أطلبه منك هو الذهاب لمقابلة الرجل (جورج بامفرد)”. وبالفعل ذهبت إلى لندن وقابلت جورج، والذي يتمتع بشخصية قوية وحيوية للغاية، وجلسنا معًا لمناقشة الأمر، وأثناء ذلك أدركت أنه شديد الحيوية والديناميكية وقد أحببت هذا في شخصيته.
وقد أدركت أنه جيد جداً في مجال التصميم حسب الطلب، فنحن علامة نقوم بتصنيع ساعات في سلاسل إصدار، ومن الصعب بالنسبة إلينا تصنيع الكثير من الإصدارات الخاصة، وهو يمكنه مساعدتنا في هذا الخصوص؛ فهو لديه الكثير من الزبائن الذين يتوقعون عملًا جيدًا جدًا من جانبه، كما أن لديه قاعدة بيانات جيدة جدًا تتضمن المملكة المتحدة والولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم. أما النقطة الثالثة، والأكثر أهمية، هي أنني أقوم بالتحقق من صحة واكتمال كل ساعة يقوم هو بتخصيص تصميمها حسب الطلب، وبهذه الطريقة تكون لنا كعلامة السيطرة على الأمر؛ فهو قد كان يقوم – على أية حال – في الماضي بفعل ما يريد بساعاتنا، لكننا الآن عقدنا اتفاقًا يقضي بأن كل ساعة يقوم بتغيير تصميمها حسب الطلب يجب أن أقول رأيي بالموافقة على ذلك، وهو الاتفاق الذي يسير بشكل جيد للغاية. ومؤخرًا قمنا بإطلاق ساعة بميناء “سولار بلو” بالتعاون مع الوجهة الإلكترونية العالمية للأزياء الرجالية “مستر بورتر” وشركة “بامفرد”، في إصدار محدود من 25 قطعة، والتي تم بيعها قبل إطلاقها وبسرعة مذهلة، حيث إنه في غضون مدة ساعة وربع الساعة من إعلان “مستر بورتر” عنها على موقعهم الإلكتروني تم بيع جميع القطع.