لطالما شكّلت الحدائق مصدر وحي لا ينضب بالنسبة إلى كريستيان ديور، وقد ظهرت في العديد من مجموعاته منذ العرض الخاص بأسلوب نيو لوك New Look الذي قدّمه في العام 1947، مع إطلالات النساء الأزهار الفاتنة. وفي العام 2023، تعود دار ديور بالعديد من قطع المجوهرات ذات التصاميم المبتكرة غير المألوفة، المستلهمة من الحدائق.
تنانير كورولا Corolla، والورود المُطرّزة أو المُزركشة، والزخارف النباتيّة، والطبعات الريفيّة – كلها تعمل كمصادر إلهام لقطع المجوهرات الراقية الرائعة هذه. حيث احتفلت ڨيكتوار دي كاستيلان، المديرة الإبداعيّة لدى مجوهرات ديور Dior Joaillerie، بعالم الطبيعة ذي الأسلوب الراقي كوتور، من خلال القطع المدهشة التي تصوّرت تصاميمها منذ العام 1999.
كما تعشق المُصمّمة أيضاً استكشاف عالم خياليّ واسع آخرَ، هو عالم التصاميم الراقية بحدّ ذاتها، بمختلف أنماطها، وتقنيّاتها، وبُنى أقمشتها وتأثيراتها، وتميّزها المُطلق. وتكريماً للمهارة الحرفيّة الفائقة في صناعة المجوهرات والأحجار الاستثنائية، تتألّف هذه المجموعة الجديدة من 170 قطعة، بما في ذلك ثلاث ساعات سرية، تُعد بالفعل جواهر ثمينة في صناعة الساعات، مُزيّنةً بروائع عالم النبات.
يتمّ استحضار حلاوة الربيع المفعمة بالبهجة، من خلال الأوراق الخضراء الوافرة، والأزهار التي يتمّ تجميع عناصرها حجرًا تلو الآخر بشكل مُرهف يُحاكي البتلات، وباقات من الأزهار الريفيّة المُتفتّحة، وأحواض الأزهار المتلألئة. وتعكس التدرجات اللونية المُرهفة بفروقاتها الدقيقة، التأثير المُتقزّح لأحجار الأوبال التي رُتبت بمهارة عالية كما لو كانت مزروعةً. وتُساهم الأحجار الكريمة المرصعة على مستويات مختلفة في إضفاء الحجم والبعد على المجوهرات، ما يُعبّر عن خصائص الحديقة الطبيعيّة. أمّا الألوان المتباينة فتتفتّح في تلاعب جريء للنقوش البارزة. بينما تبدو الأنماط ذات طابع هندسيّ بمفهوم جماليّ شبه مُجرّد تارة، وتارة أخرى يتمّ تعزيزها بلمسة من البساطة. كما يُمكن ملاحظة الأنماط الزهريّة أيضاً، إلّا أنّه لم يتمّ تصوّرها بمعناها الحرفي. فيبدو لنا كما لو أنّ ڨيكتوار دو كاستيلان سعت، من خلالها، إلى تمثيل إحدى ذكريات الطفولة، ربّما غرانڨيل Granville، أو ميلي لا فوريه Milly-la-Forêt، أو لا كول نوار La Colle Noire في مونتورو، وهي ثلاث حدائق عزيزة جداً على قلب كريستيان ديور.
تكشف بعض القطع عن أساليب تزيين خياليّة صغيرة، كمشهد شاعري لمسرح مُصغّر تتشابك فيه الأزهار، والفراشات، وأقواس المطر. وعلى هذه اللوحات المصنوعة من عرق اللؤلؤ، يتضاءل مفهوم المنظور، وتُمنح نسبة المقاييس معنى جديدًا. وتأتي مجموعة ثمينة من الألوان الأشبه بالحلم، لتُعبّر عن حبّ المُصمّمة للطبيعة والحدائق. في مكان آخر، على الصفائح الذهبية، يُعيد الطلاء اللامع إلى الأذهان بريق الماس في لعبة غميضة، ويتفاعل مع الأحجار الاستثنائية التي تتألّق في وسط هذه الإبداعات.
تُزيّن الشرّابات بأسلوبها الراقي كوتور تقويرة العنق، وتحتضن الأذنين، وتلتفّ برقّة حول الخصر. حيث تكشف مجموعة المجوهرات الفاخرة هذه عن مرونتها وعن أساليب ارتدائها المتعددة. وقطع المجوهرات في هذه التشكيلة قابلة للتحوّل، إذ يُمكن فصل بعض الأحجار ذات الوزن الكبير، بينما يُمكن وضع الخواتم في عدّة أصابع، وتأتي دبابيس الزينة لتُؤكّد لنا بأنّ للرجال أيضًا الحريّة في حب الأزهار.